محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة الدخان

صفحة 135 - الجزء 4

  مَجْنُونٌ ١٤}⁣(⁣١) كيف يتأتى منهم الإيمان بعد أن كفروا برسول الله ÷ وبما جاء به من الحجج الواضحة المستبينة الدالة على صحة نبوته التي عرفوها وتحققوا صدقها ثم كذبوا بها واستكبروا عنها وقالوا إن محمداً مجنون يهذي بهذي المجانين، وقالوا أيضاً: إنه تعلم ما يقرأه عليهم من بعض أهل العلم.

  {إِنَّا كَاشِفُوا الْعَذَابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ⁣(⁣٢) ١٥ يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ ١٦} ولكنه كشف عنهم تلك الشدة مع علمه تعالى بعدم إيمانهم، وأنهم سينقضون عهودهم ومواثيقهم، ولكنه سوف ينتقم منهم بعذابه، وقد كان ذلك يوم⁣(⁣٣) بدر فقد قتل المسلمون فيه جميع صناديدهم وكبارهم وكانوا سبعين صنديداً.

  {وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ وَجَاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ ١٧} وقبل قومك يا محمد قوم فرعون، فقد أرسل الله سبحانه وتعالى إليهم موسى، ولكنهم كفروا به


(١) سؤال: يقال: كيف ساغ لهم أن يطلقوا على النبي ÷ الصفتين: «معلم مجنون» مع تناقضهما؟ وما إعرابهما؟

الجواب: المراد: وقال بعضهم معلم، وقال بعضهم مجنون. «معلم» خبر لمبتدأ محذوف، «مجنون» خبر ثان.

(٢) سؤال: من فضلكم ما إعراب «قليلاً»؟ وما وجه فصل: «إنكم عائدون» عما قبلها؟ وما هو العامل في «يوم» النصب؟

الجواب: «قليلاً» ظرف زمان أي: زمناً قليلاً، أو يكون صفة لمصدر محذوف أي: كشفاً قليلاً. وفصلت «إنكم عائدون» لأنها تعليل لما قبلها، والعامل في «يوم» النصب فعلٌ محذوف دل عليه «منتقمون» أي: ننتقم.

(٣) سؤال: يقال: فما السر في إسناد البطش إلى الله تعالى؟ وهل يصح حمل البطشة على العذاب يوم القيامة؟

الجواب: أسندت إلى الله تعالى لأنها بأمره وتدبيره ومعونته كما قال سبحانه: {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى ...}⁣[الأنفال: ١٧]، ويصح حملها على عذاب يوم القيامة، وقد فسرت بالتفسيرين.