محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة الجاثية

صفحة 152 - الجزء 4

  في كل ما يلقون من الأذى من المشركين، وأن يقابلوا السيئة بالحسنة، وأن لا يؤاخذوهم بما فعلوا بهم من الأذى، وأن يعفوا ويصفحوا عنهم، وكل ذلك لأجل مصلحة الدين والإسلام، وأن يخبرهم بأن الله سبحانه وتعالى سوف ينتصف لهم منهم، وينتقم لهم ممن ظلمهم. ومعنى «لايرجون أيام الله»: لا يتوقعون وقائع الله بأعدائه.

  {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ ١٥} فسيثيبكم الله على صبركم أيها المؤمنون، وسيجازيهم على إساءتهم إليكم؛ لأنهم بذلك إنما يسيئون إلى أنفسهم ويجنون عليها.

  {وَلَقَدْ آتَيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ⁣(⁣١) وَالنُّبُوَّةَ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ ١٦ وَآتَيْنَاهُمْ بَيِّنَاتٍ مِنَ الْأَمْرِ}⁣(⁣٢) ثم أخبر الله سبحانه وتعالى نبيه ÷ بأنه قد اصطفى بني إسرائيل واختارهم على العالمين جميعاً، وجعلهم حملة العلم والحكمة والنبوة إلى جميع الناس، وجعلهم القدوة والقبلة يهتدي بهديهم ويسير بسيرتهم كل الناس، وقد أسبغ عليهم جميع النعم، وساق إليهم جميع خيرات الدنيا، وبين لهم الدين الحق الذي جاء به خاتم المرسلين ÷ وأمرهم باتباعه.


(١) سؤال: ما المراد بالحكم هنا هل الحكمة فهل هي جمع لها أم ماذا؟ أم الملك فكيف جمعهما الله في آية آل إبراهيم: {الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا ٥٤}⁣[النساء]؟

الجواب: الحكم: الحكمة والفقه كما في الكشاف، فالكلمتان مفردتان والقرآن يفسر بعضه بعضاً.

(٢) سؤال: ما المراد بـ «بينات من الأمر»؟

الجواب: المراد بذلك أن الله تعالى بين لبني إسرائيل أمر النبي محمد ÷ وأمر رسالته وصفاته وآياته وبيناته؛ فلما جاءهم أمر النبي ÷ الذي بينه الله تعالى لهم كفروا به بغياً وعدواناً وهم يعلمون أنه الرسول الذي بينه الله تعالى لهم وتحققوه ولم يشكوا فيه، وكانوا من قبل مجيئه ÷ مؤمنين به ومصدقين له جميعاً لا خلاف بينهم في ذلك، ثم لما جاءهم اختلفوا.