سورة الجاثية
  {فَمَا اخْتَلَفُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ} ثم إنهم بعد ذلك تفرقوا واختلفوا فيما بينهم، وعصوا وتمردوا واستكبروا في الأرض، وكذبوا بالدين الحق الذي أمروا باتباعه ولم يؤمن به إلا القليل منهم.
  {إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ١٧} ولكن مرجعهم إلى الله تعالى وسيبعثهم إليه يوم القيامة ثم يحكم بينهم فيثيب من تمسك منهم بالحق وثبت عليه، ويعاقب من مال وخرج عن طريقه في نار جهنم.
  {ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ}(١) ثم بعد أن اختلفوا وتفرقوا فيما بينهم رفع الله سبحانه وتعالى عنهم ذلك التفضيل وأذلهم وأخزاهم(٢)، وجعل نبوته ورسالته في غيرهم، فاصطفى محمداً ÷ لنبوته ولتبليغ رسالته.
  {فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ(٣) ١٨ إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ(٤) مِنَ
(١) سؤال: ما الذي تفيده «على» في قوله: «على شريعة»؟ وما المراد بالأمر في قوله: «من الأمر»؟
الجواب: «على» تفيد ظهور حجة النبي ÷ وارتفاعها وقوتها، والأمر: هو الدين الذي جاء به النبي ÷.
(٢) سؤال: من أين نستوحي هذا؟
الجواب: استوحي ذلك من رفع الله لنبيه ÷ وإظهار حجته واستعلائه على كل دين فبذلك اندحرت حجة اليهود وظهر بطلانها وانكشف سترهم وكذبهم فلحقهم بسبب ذلك الخزي والهوان.
(٣) سؤال: ما الذي يستفاد من هذه الآية بالنسبة لنا؟
الجواب: الذي يستفاد هو أن الأمن من مخاوف الدنيا والسلامة من المهالك في الدنيا فضلاً عن مخاوف الآخرة هو في التمسك بالهدى ودين الحق، وأن من دخل مع الظالمين أو داهنهم وقاربهم ليأمن على نفسه من المخاوف في الدنيا فإنه إنما أوقع نفسه في المخاوف والمهالك، وأن الظالمين لا يدفعون عنه شيئاً من مخاوف الدنيا والآخرة {وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ ١٩}.
(٤) سؤال: هل يمكن أن نقول بأن هذا التهديد صريح للنبي ÷ وليس من باب: «إياك أعني واسمعي يا جارة»؟
الجواب: الظاهر أنه للنبي ÷ ولكن الأولى صرفه إلى غيره؛ لأن النبي ÷ قد كان في أعلى درجات اليقين والإيمان، وقد قال ÷ في أول الإسلام قبل أن يحتك بأهل الكتاب =