سورة الجاثية
  يظلم أحداً مثقال ذرة.
  {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ} انظر يا محمد وتعجب من ذلك الرجل الذي يستجيب لداعي شهواته وهواه إلى ما دعياه، ولا يجيب داعي الله ولا داعي رسوله ولا أي داع يدعوه إلى الحق والهدى، كيف يؤثر طاعة هواه على طاعة ربه(١)؟
= تقتضي الجزاء، فالحق يقتضي أن ينتصف الله للمظلوم من ظالمه، وإذا لم يفعل اختلت الحكمة. وعطف قوله: «ولتجزى» على قوله: «بالحق» من العطف على المعنى الذي يسمى في غير القرآن بالعطف على التوهم.
(١) سؤال: هل يصح أن تحمل الآية على من جعل الإله المعبود على حسب هواه فيوماً تمراً ويوماً حجراً ونحو ذلك؟
الجواب: لا يصح الخروج عن الظاهر مع استقامة المعنى على الظاهر، وهنا المعنى مستقيم وليس هناك دليل يوجب ذلك.
سؤال: لو تكرمتم للمرشدين بضابط في تعريف الهوى فهم يتساءلون عنه؟
الجواب: للنفس طبائع ودواع تدعو الإنسان إلى فعل ما لا ينبغي ولا يجوز، فطبيعة الإنسان تدعوه إلى النساء وتميل به إليهن، وقد جعل الله تعالى للمكلف طريقاً مشروعاً ليصل إلى ما يشبع طبيعته، فإن سلك طريقاً أخرى غير ما شرعها الله لإشباع رغبته فهو ممن اتبع الهوى المذموم، وفي الإنسان طبيعة تدعوه إلى جمع المال واقتنائه، وقد جعل الله تعالى لعباده طرقاً لكسب المال وجمعه كالتجارة والصناعة والزراعة و ... إلخ؛ فمن سلك طريقاً غير الطريق التي شرعها الله تعالى كأن يكسب المال عن طريق السرقة والنهب والغش والتطفيف والربا والرشوة وإلى آخر الطرق التي نهى الله عنها فهو ممن اتبع هواه.
وفي الإنسان طبيعة تدعوه إلى طلب الرفعة والعزة فمن طلبها من الطريق التي شرعها الله تعالى فلا حرج بل يثاب ويؤجر، والطريق هي الإيمان والتقوى والتواضع {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}[الحجرات: ١٣]، {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ}[المنافقون: ٨]، وفي الأثر: «التواضع من مصائد الشرف».
ومن طلب ذلك عن غير الطرق المشروعة كأن يطلبها عن طريق التكبر والعجب والظلم والفخر والكذب ونحو ذلك مما نهى الله عنه فهو ممن اتبع هواه.
=