محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة الجاثية

صفحة 160 - الجزء 4

  والجزاء في يوم القيامة، وأن يخبرهم أن ذلك اليوم لا بد أن يقع لا محالة.

  {وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَوْمَ تَقُومُ⁣(⁣١) السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ ٢٧} أمر السماوات والأرض بيده تعالى، والموت والحياة إليه وحده، فإذا كان يوم القيامة فإنكم أيها المنكرون سترون ما كنتم به تكذبون من البعث والحساب وعذاب جهنم؟

  {وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً⁣(⁣٢) كُلُّ أُمَّةٍ⁣(⁣٣) تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ٢٨} وذلك يوم القيامة عندما يبعث الله سبحانه وتعالى الخلق جميعاً إليه للحساب والجزاء فإن كل أمة ستجتمع جاثية على ركبها من شدة الهول والفزع، منتظرين ومترقبين لما يحل بهم؛ وستدعى كل أمة إلى كتابها الذي أنزله الله سبحانه وتعالى إليها فيدعى أهل القرآن ويدعى أهل التوراة و ... إلخ، وقد يكون تفسير


(١) سؤال: ما العامل النصب في «يوم تقوم»؟ وهل قوله: «يومئذ» تكرير له أم ماذا؟

الجواب: العامل فيه «يخسر»، و «يومئذ» تكرير أي: بدل.

(٢) سؤال: يقال: ظاهر «كل أمة جاثية» يدل على حصول الجثو من شدة الفزع حتى من المؤمنين، ويشهد لذلك الخبر الصحيح في مجموع الإمام زيد بن علي @: «فلا يبقى ملك مقرب ولا نبي مرسل إلا جثا على ركبتيه من صيحتها»، فكيف مع مدلول قوله: {لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ}⁣[الأنبياء: ١٠٣]؟

الجواب: يلزم الجمع بين الآية والخبر وذلك: بأن يكون جثو الملائكة والمرسلين جثو هيبة لعظمة الله وعظمة الموقف من غير فزع يلحقهم ولا خوف يداخلهم؛ لأن صرائح القرآن تنفي عنهم الفزع: {وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ ٨٩}⁣[النمل]، {لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ}⁣[الأنبياء: ١٠٣]، {لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ٦٢}⁣[يونس]، ونحوها من الآيات.

(٣) سؤال: ما السر في رفع «كل أمة تدعى»؟ وكان يمكن نصبه؟

الجواب: قد قرئ بالنصب أيضاً كما في الكشاف أي: على البدل، وقراءة الرفع على الابتداء، والسر في الرفع مع إمكان النصب على البدلية - والله أعلم - أن الاستئناف أبلغ، وذلك من حيث أنه يدل على الإخبار عن موقف عظيم آخر غير الموقف الأول.