محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة الأحقاف

صفحة 169 - الجزء 4

  الوحيد الذي أرسله الله سبحانه وتعالى حتى يستنكروا عليه ذلك الاستنكار فكثير من الأنبياء الذين يعرفونهم قد أرسلهم الله سبحانه وتعالى قبله، وكان المشركون يعرفون أسماء كثير من الأنبياء الذين أرسلهم الله سبحانه وتعالى كموسى وعيسى وإبراهيم ويوسف وغيرهم.

  {وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ}⁣(⁣١) وأن يخبرهم بأن أمره وأمرهم جميعاً إلى الله تعالى، وأن مرجعهم جميعاً إليه، وأنه وحده العالم بموعد أخذهم وتعذيبهم، وأنه لا يعلم الغيب وما سيكون في الغد إلا الله سبحانه وتعالى وحده، وأن يخبرهم أيضاً بأنه ليس إلا بشراً مثلهم قد أرسله الله سبحانه وتعالى ليبلغهم ما أوحى به إليه من القرآن والهدى.

  {وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ ٩} وأن يخبرهم أنه ليس إلا رسولاً أرسله الله تعالى إليهم لينذرهم ويحذرهم من الوقوع في العذاب والهلاك؛ حتى لا يحتجوا يوم القيامة فيقولوا: ما جاءنا من بشير ولا نذير.

  {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ⁣(⁣٢) فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ١٠} ثم أمر الله


(١) سؤال: يقال: كيف ساغ للنبي ÷ أن يخبرهم بأنه لا يدري ما يفعل به ولا بهم مع علمه بأن مصيره إلى الجنة ومصيرهم إلى النار إن استمروا على كفرهم؟

الجواب: المراد أنه لا يعلم الغيب بما يصير إليه في الدنيا وبما يصيرون إليه في الدنيا، فلم يكن النبي ÷ عالماً بما يلحقه من المحن والمخاوف والأذى والجروح وقتل أصحابه بالتفصيل و ... إلخ، ولا بما يلحق المشركين بالتفصيل، والذي يعلمه ÷ هو ما كان يوحيه إليه ربه من الوعد بالنصر والظفر كقوله تعالى: {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ ٤٥}⁣[القمر]، {أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ ٢١٤}⁣[البقرة]، {اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ٢٠٠}⁣[آل عمران]، فقوله: «لعلكم تفلحون» وعد بالنصر والظفر. {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ ٥١}⁣[غافر]، {وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ ٣٩}⁣[الحج]، ونحو هذه الآيات.

(٢) سؤال: ما الوجه في الإتيان هنا بـ «إن» التي تفيد الشك؟ وما وجه قوله: «على مثله» دون أن يقول: عليه؟ وهل يشير بذلك إلى عبدالله بن سلام كما يقال؟ أم أنها في حيّز الفرض فقط؟

=