محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة الأحقاف

صفحة 170 - الجزء 4

  سبحانه وتعالى نبيه ÷ أن يجادل المشركين ويسألهم على سبيل الفرض والتقدير: إذا صح أن هذا القرآن حق وصدق، وأنه من عند الله تعالى ثم إنكم كفرتم به، بعد أن قد أتى شاهد من بني إسرائيل فآمن به، وشهد على صدقه، ثم إنكم بعد كل هذا أعرضتم واستكبرتم عن اتباعه والإيمان به؛ فمن سيكون الخاسر إذا كان من عند الله؟ أذلك الذي آمن به؟ أم من كفر به؟

  فالمفترض بكل عاقل - ما دامت الاحتمالات هذه واردة - أن يحتاط لنفسه، وأن يأخذ لنفسه بأحوط الأمور التي تقربه إلى طريق السلامة والنجاة، ولكنكم أيها المشركون قد تماديتم في المعاصي والسيئات حتى أعمت الجهالات قلوبكم وأبصاركم، وأصبحتم لا تفرقون ولا تميزون بين الأشياء المعقولة ولا المحسوسة.

  {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كَانَ خَيْرًا مَا سَبَقُونَا⁣(⁣١) إِلَيْهِ وَإِذْ لَمْ


=

الجواب: جيء بـ «إن» التي تفيد الشك هنا نظراً لما عليه المخاطبون من الشك في كون القرآن من عند الله.

وقوله «على مثله» أي: على ما يصدقه من التوراة كأن يقول الشاهد: أشهد أن الله تعالى أنزل مثل هذه الآيات ومثل هذه القصص ومثل هذه المواعظ في التوراة.

وقوله: {وَشَهِدَ شَاهِدٌ} محتمل للأمرين اللذين ذكرتم، فإن جعلت الواو للحال أي: وقد شهد شاهد كانت الآية إشارة إلى عبدالله بن سلام أو إلى واحد ممن كان قد أسلم من اليهود، وإن جعلت الواو عاطفة على «كان» فالشهادة في حيز الفرض.

سؤال: هل هناك سر وحكمة في حذف جواب الشرط هنا «إن كان ..» فما هو؟

الجواب: يختلف السر والنكتة في حذف جواب الشرط من موضع لآخر، فهنا السر في حذفه هو العلم به مع ما فيه من الإيجاز.

(١) سؤال: ما الوجه في تغيير الضمير من الخطاب إلى الغيبة؟

الجواب: الوجه هو احتقار المشركين للمؤمنين فمن شدة كبرهم وترفعهم عدلوا عن الخطاب إلى الغيبة مع ما في الالتفات من تطرية نشاط السامع واستفتاح أذنيه ليصغي إلى الكلام.