سورة الأحقاف
  ثم أخبر الله سبحانه وتعالى أن مدة حمله وفطامه ثلاثون شهراً من العناء والتعب والمشقة مما يوجب على الولد البر بهما والإحسان إليهما، وعدم إظهار أي شيء من علامات التأفف والتضجر منهما.
  {حَتَّى(١) إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي(٢) أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ(٣) وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي(٤) إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ١٥} وبعد كل ذلك أخبر الله سبحانه وتعالى عن الإنسان المؤمن بأن من شأنه إذا بلغ عمره أربعين سنة أن يرجع إلى الله سبحانه وتعالى، وأن يتوسل إليه في أن يعينه على أداء شكر نعمه عليه، وعلى أداء ما
(١) سؤال: هل لـ «حتى» عمل هنا أم لا؟ وما معناها؟ وما مناسبة الربط بين صفة هذا المؤمن والتوصية بالوالدين التي قبل «حتى»؟
الجواب: لا عمل لحتى هنا لدخولها على «إذا»، وهي للغاية أي: وعاش ذلك المولود الذي حملته أمه كرهاً حتى إذا بلغ أربعين سنة قال رب أوزعني. أي: أن من شأن المؤمن أن يلتزم بوصية الله في والديه إلى أن يبلغ أربعين سنة، وعند الأربعين يكون والداه قد ماتا غالباً فيسأل الله تعالى أن يوزعه شكر النعم التي أنعم على والديه و ... ، فلم ينس والديه بعد موتهما.
(٢) سؤال: مم اشتقت كلمة «أوزعني»؟ وما محل المصدر «أن اشكر»؟
الجواب: اشتقت كلمة «أوزعني» من: وَزَعَ يَزَعُ وَزْعاً، مثل: وضعه يضعه وضعاً. اهـ (من مختار الصحاح). «أن اشكر» في محل نصب مفعول «أوزعني».
(٣) سؤال: ما السر في طلبه الإعانة على شكر النعم على والديه؟
الجواب: السر هو أن نعم الله تعالى على الوالدين نعمة على الولد فلولا نعم الله تعالى على الوالدين بالصحة والعافية والسلامة والاجتماع والمال لما كان الولد.
(٤) سؤال: ما الوجه في دخول «في» في قوله: «في ذريتي» مع كون الفعل صالحاً للتعدي بنفسه لغة ومعنى فيقول: «أصلح لي ذريتي»؟
الجواب: الوجه هو أنه لو لم يأت بـ «في» لكان سؤاله وطلبه لما لا يكون؛ لأن ذراري حتى الأنبياء لا بد أن يكون فيهم الصالح وغير الصالح؛ لذلك أتى بـ «في».