سورة الأحقاف
  {وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَلِيُوَفِّيَهُمْ(١) أَعْمَالَهُمْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ١٩} أخبر الله سبحانه وتعالى أن لكل صنف من المؤمنين والمكذبين(٢) الذين ذكرهم فيما سبق من الآيات درجات ومراتب على حسب أعمالهم التي عملوها في الدنيا، وأن كل واحد سيضعه الله سبحانه وتعالى في المنزلة والدرجة التي يستحقها من الثواب والعقاب، ولن ينقص من ثواب أحد من المؤمنين أو يزيد في عقاب المسيئين.
  {وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ ٢٠}(٣) يذكِّر الله تعالى الكفار بيوم القيامة عندما
(١) سؤال: من فضلكم هل «من» في قوله: «مما عملوا» على بابها أم لا؟ فما معناها الحقيق بهذا الموضع؟ وعلام عطف قوله: «وليوفيهم»؟ وإذا كانت اللام فيه تعليلية فلأي شيء كانت تعليلاً؟
الجواب: الظاهر أن «من» ابتدائية على بابها أي: أن الدرجات «الجزاء» مبتدأ من جنس عملهم. «وليوفيهم» اللام للتعليل والمعلل مقدر أي: وجازاهم ليوفيهم والجملة معطوفة على «ولكل درجات» هكذا قدرها الزمخشري وغيره من المعربين. ويصح أن يكون «وليوفيهم ..» معطوفاً على علة أو علل محذوفة أي: لكذا وكذا وليوفيهم أعمالهم، والواو دليل على المحذوف، وهي تعليل لقوله: «ولكل ..» فإنها بمعنى: استقر لكل درجات.
(٢) سؤال: من فضلكم هل يصح حمل هذه الآية على صنف واحد فقط وهم الذين حق عليهم القول أم لا؟ مع توجيه ذلك؟
الجواب: ذكر في الكشاف أن المراد الجنسين أهل الخير وأهل الشر، ويصح أن يراد جنس واحد وهم الذين حق عليهم القول فقط كما ذكرتم، ويمكن أن يستدل له بأن الله تعالى قد ذكر ثواب الجنس الآخر بعد ذكره لصفاتهم فقال: {أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ ١٦}.
(٣) سؤال: هل يسوغ للمؤمن أن يخاف من هذا الوعيد عند توفر ملذات الدنيا وشهواتها لديه لعلمه بتقصيره؟ أم أن الوعيد مخصوص بالكفار؟ وبماذا توجهوننا في ذلك؟
=