محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة محمد

صفحة 190 - الجزء 4

  ودين الشرك والجاهلية، وأما الذين آمنوا فلأنهم اتبعوا الحق وانقادوا لما جاءهم من الهدى والدين على لسان نبيهم ÷.

  {كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ ٣} أراد الله سبحانه وتعالى أن سنته جرت أن يبين لعباده أحوالهم كيف ستكون يوم القيامة، وكيف سيكون مصيرهم وتفاوت مراتبهم على حسب أعمالهم.

  {فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ⁣(⁣١) الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا}⁣(⁣٢) ثم أمر الله تعالى عباده المؤمنين وأرشدهم إلى ما يفعلونه عند لقاء عدوهم، فأمرهم أن يجدوا في قتلهم وقتالهم، وليملئوا الأرض من دمائهم، ثم يأسروا بقيتهم وليربطوهم ويشدوا وثاقهم؛ ليزرعوا لأنفسهم الهيبة في نفوس عدوهم، ولتظهر للإسلام شوكة بين أوساطهم ليخافهم ويحذرهم جميع الناس، ولما يريده الله من إلحاق الخزي والذلة بالمشركين. ومعنى «أثخنتموهم»: أوسعتموهم قتلاً وجرحاً وطعناً.


(١) سؤال: فضلاً ما إعراب {فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا}، وقوله: {فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ}؟ وهل في الآية تقديم وتأخير كالتالي: فشدوا الوثاق حتى تضع الحرب أوزارها فإما مناً بعد وإما فداء؟

الجواب: نعم حتى هي غاية للأمر بالقتال والأسر بعد الإثخان، وليست غاية للمن أو الفداء. «ضرب» مفعول مطلق لفعل محذوف أي: فاضربوا ضرب الرقاب، وهذا المصدر نائب مناب فعله، والفاء هي الفصيحة، و «إما» حرف للتفصيل، «مناً» مفعول مطلق أي: تمنون مناً.

(٢) سؤال: ما نوع اسمية «أوزارها»؟ وما المراد بها؟ ومم اشتقت؟ وما نوع مجازيتها؟

الجواب: «أوزارها» جمع تكسير ومفردها «وزر» والمراد بأوزارها أثقالها التي هي آلات الحرب كالسيوف والرماح والدروع وما يلحق بذلك من الآلات، والمجازية فيها هو من نوع الاستعارة المكنية فقد شبه الحرب بالجمل الذي يحمل على ظهره أحمالاً ثقالاً، وجاء للدلالة على هذا التشبيه المضمر في النفس بشيء من لوازمه وهو وضع الأوزار (الأثقال) الذي هو لازم للجمال في العادة، وذكر الأوزار استعارة تخييلية وهي من لوازم المكنية.