محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة محمد

صفحة 204 - الجزء 4

  يحملونه في صدورهم من النفاق والحقد والعداوة للدين وأهله.

  {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ٢٤}⁣(⁣١) لماذا لا يتدبر المنافقون القرآن ولماذا لا يتعظون بما يسمعونه من الآيات التي تتلى عليهم؟ هل السبب أن قلوبهم مغلقة بأقفال محكمة؟ نعم، هذا هو السبب في عدم تدبرهم للقرآن، وعدم انتفاعهم بمواعظه، فإن ما في صدورهم من الكفر والنفاق قد أقفل قلوبهم وحجز بينها وبين التدبر لآيات الله والانتفاع بها والاهتداء بنورها.

  {إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ ٢٥}⁣(⁣٢) سمى الله سبحانه وتعالى المنافقين⁣(⁣٣) مرتدين، وذلك أنهم بعد أن سمعوا الهدى، وعرفوا الإسلام ورأوا نوره - ارتدوا على أدبارهم معرضين عن كل ما سمعوا ورأوا من الآيات، واتبعوا ما زينه لهم الشيطان من أعمال الكفر


(١) سؤال: هل يمكن أن نجعل هذه الآية قرينة على أن إسناد الإعماء ونحوه إلى الله على جهة المجاز أم كيف؟ وما إعراب: «أفلا يتدبرون»؟

الجواب: وهذه الآية دليل على المعنى المجازي الذي ذكرناه؛ إذ لو كانوا صماً وعمياً لما أمكن منهم تدبر القرآن، بل لم يذكر أحد أن المنافقين صاروا عمياً وصماً في عهد الرسول ÷، ولو وقع ذلك لتواتر النقل به؛ لأنه من الحوادث التي تتوفر الدواعي على نقله.

«أفلا» الهمزة للاستفهام الإنكاري، والفاء سببية عاطفة، والمعطوف مقدر يتقضيه السياق أي: أغفلوا فلا يتدبرون.

(٢) سؤال: فضلاً أين خبر: «إن الذين» في الآية؟ وكيف نستدل بهذه الآية على بطلان مذهب المجبرة؟

الجواب: خبر «إن الذين ..» هو جملة «الشيطان سول لهم».

وتدل على بطلان مذهب المجبرة وذلك من حيث أن الله تعالى بين أن الشيطان هو الذي زين للمنافقين اعمالهم ومَنَّاهم الفسحة في آجالهم وحسَّنَ لهم ما هم فيه من النفاق {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا ٨٧}⁣[النساء]، {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا ١٢٢}⁣[النساء]، فحديث الله وقوله أولى بالتصديق من قول المجبرة.

(٣) سؤال: من أين نفهم أن هذه الآية في المنافقين؟

الجواب: السياق في المنافقين من آية (٢٠) إلى آية (٣١) فليتأمل.