محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة الحجرات

صفحة 240 - الجزء 4

  ويرشدهم إلى أن يتبينوا ويتحققوا من صحة خبر الفاسق إن نقل إليهم خبراً.

  والسبب في ذلك أن النبي ÷ كان قد بعث الوليد بن عقبة بن أبي معيط - وكان رجلاً فاسقاً - لجمع صدقات بني المصطلق، فرجع إلى النبي ÷ وأخبره بأنهم رفضوا تسليم صدقاتهم له، وهو في الحقيقة لم يسألهم ولم يصل إليهم، بينما كان بنو المصطلق في انتظار رسول النبي ÷؛ ليكرموه ويعطوه صدقات أموالهم كذب هذه الكذبة عليهم، وكاد أن يشعل فتنة بسبب كذبته هذه، والسبب في كذبته أنه عندما رآهم مجتمعين لاستقباله خاف منهم وهرب لثارات قديمة كانت بينهم، وقد هم النبي ÷ بسبب كذبته أن يخرج إليهم، فنزلت هذه الآية يأمر الله سبحانه وتعالى فيها عباده أن يتثبتوا ويتبينوا من صحة ما يسمعون أو ما ينقل إليهم من الأخبار خشية أن يأخذوا أحداً أو ينالوا عرضه بسبب كذبة، وأن لا يتسرعوا في الحكم على أحد حتى يتبينوا؛ لئلا يندموا فيما بعد.

  وقد وصف الله سبحانه وتعالى خبر الفاسق بأنه جهالة⁣(⁣١)، وأخبر أن هذه الجهالة سوف تعقبها الندامة.

  {وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ⁣(⁣٢) رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ} واعلموا أن رسول الله ÷ بين أظهركم، وأنه لو أخذ بآرائكم واقتراحاتكم لهلكتم،


= من يرى تفسيق من يبيع الأرز والعدس والسمسم بعضه ببعض متفاضلاً، فلا يجوز تقليد المجتهد في مثل هذا؛ لأن المفروض أن التكفير والتفسيق يترتب ويستند إلى دليل قطعي.

وخبر المؤمن العدل هو شيء آخر غير داخل في هذه المسألة، فيقبل خبره إذا أخبر أن فلاناً فاسق لأنه يشرب الخمر، ولا يقبل خبره إذا قال: إن فلاناً فاسق لأنه يجمع بين الصلاتين.

(١) سؤال: هل المراد بالجهالة عدم المعرفة أم لها مقصود آخر فما هو؟

الجواب: الجهالة هي عدم المعرفة.

(٢) سؤال: فضلاً ما السر في تقديم الجار والمجرور هنا؟

الجواب: قدم «فيكم» لأنه الأهم الذي قصد الإخبار به والتنبيه عليه.