محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة الطور

صفحة 288 - الجزء 4

  نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ ٣٠}⁣(⁣١) ثم أمر الله سبحانه وتعالى نبيه ÷ أن يُذَكِّر قومه بمواعظ الله تعالى ويواصل تبليغ رسالة ربه إليهم، ولا يفتر عزمه ويقل نشاطه بسبب ما يلقى من قومه من الرد والتكذيب والأذى وبسبب قولهم له: إنه كاهن ومجنون وشاعر، وإنه عما قريب يموت⁣(⁣٢) ويموت معه شعره وكهانته وما جاءنا به، فلست يا محمد كاهناً ولا مجنوناً بسبب إنعام الله عليك بالنبوة والرسالة.

  {قُلْ تَرَبَّصُوا فَإِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُتَرَبِّصِينَ ٣١} وأمره الله بأن يجيبهم بأنه منتظر⁣(⁣٣) لهلاكهم كما أنهم منتظرون لهلاكه، وسوف يعلم ويعلمون لمن ستكون العاقبة في النهاية له أم لهم.


(١) سؤال: ما معنى «أم» في هذه الآية؟ وما إعراب «شاعر»؟ وما محل الجملة بعده؟

الجواب: معنى «أم» هنا هو الإضراب مع الاستفهام الإنكاري التوبيخي أي: بل أيقولون شاعر، وهذا الإضراب معطوف على قولهم إن النبي ÷ كاهن ومجنون المدلول عليه بقوله: {فَمَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلَا مَجْنُونٍ ٢٩} وفائدة الإضراب هي التنبيه على أن ما بعد «أم» أنكر مما قبله وأخبث، ووجه كونه أنكر وأخبث أن قول المشركين: إن النبي ÷ شاعر ستصادف قبولاً أكثر عند أتباع المشركين ورعاياهم، وسيكون لها رواج أكبر لمعرفة الأتباع والرعايا للشعر وبلاغته وحسنه وجودته؛ لذلك سيقول الرؤساء للأتباع: إن القرآن الذي تسمعونه من محمد إنما هو من جنس الشعر البليغ الذي تعرفونه كلام مرصف متسق مقطع مسجوع و ... إلخ. و «شاعر» خبر لمبتدأ محذوف أي: هو (محمد) شاعر. «نتربص به ..» الجملة في محل رفع نعت لشاعر.

(٢) سؤال: مم أخذت لفظة «ريب المنون» إذا كان معناها الموت؟

الجواب: «ريب» هو الشك استعير هنا للحوادث المدهشة، و «المنون» هو الموت فعول مِنْ «مَنَّه» إذا قطعه؛ لأن الموت قطوع للأعمار، فريب المنون معنا حوادث الموت.

(٣) سؤال: إذاً فما معنى الأمر في الآية؟

الجواب: معناه التحدي والتهديد.