سورة الطور
  {أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلَامُهُمْ بِهَذَا(١) أَمْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ ٣٢} ثم سألهم الله سبحانه وتعالى مستنكراً عليهم أهي عقولهم التي أمرتهم بأن يقولوا عن نبيهم تلك الأقوال ويرمونه بتلك الافتراءات؟ فبئس الأحلام والعقول التي أمرتهم ودعتهم إلى ذلك؟
  أم أن أحلامهم قد عرفت الحق وتيقنته، وإنما(٢) هو طغيانهم وشدة تمردهم وتكبرهم وعنادهم هو الذي منعهم عن اتباع الحق وقبوله.
  {أَمْ(٣) يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَلْ(٤) لَا يُؤْمِنُونَ ٣٣} فكان بعضهم يقول: إن النبي ÷ تقوَّل القرآن واختلقه من عند نفسه، وأما في الحقيقة فقد عرفوا النبي ÷ وصِدْقَ ما جاء به ولكن طبيعتهم الكفر والجحود.
  {فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا(٥) صَادِقِينَ ٣٤} ثم تحداهم الله سبحانه وتعالى أن يأتوا بمثل ما جاء به وتقوَّله، فإن جاءوا بمثله فهم صادقون فيما نسبوه إلى النبي ÷
(١) سؤال: هل يمكن للأشعري أن يستنتج من هذه الآية {أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلَامُهُمْ بِهَذَا} احتمال أن العقول لا تقبح القبيح؟ أم لا؟
الجواب: بل يؤخذ من الآية العكس أي أن طبيعة العقول أن تستقبح القبيح وذلك من حيث أن الله تعالى استنكر عليهم حين اختاروا ما تستنكره العقول ولا تقبله؛ لذلك جاء عقب ذلك قوله تعالى: {أَمْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ ٣٢} أي: أنهم قوم تجاوزوا المعروف المقرر في العقول إلى القبيح المستنكر في العقول وتركوا الحسن وتجاوزوه إلى القبيح.
(٢) سؤال: فضلاً فهل الاستفهام لا زال هنا إنكارياً؟ أم لا؟ فما معناه؟
الجواب: هو هنا تقريري، أي في قوله: «بل هم قوم طاغون».
(٣) سؤال: ما فائدة الإضراب والترقي هنا وقد وصل غايته بالحكم عليهم بالطغيان فيما قبله؟
الجواب: فائدته هو التسجيل عليهم بسخافة عقولهم فيما قالوه في النبي ÷ وفي القرآن.
(٤) سؤال: ما الوجه في العدول عن «أم» إلى «بل» هنا؟
الجواب: الوجه أن ما بعد «بل» خبر غير مستنكر بل خبر صادق حق.
(٥) سؤال: فضلاً أين جواب هذا الشرط؟ وهل الفاء في قوله: «فليأتوا» رابطة أم فصيحة؟
الجواب: جواب هذا الشرط محذوف لوجود ما يدل عليه، والتقدير: إن كانوا صادقين فليأتوا بحديث مثله، والفاء في قوله: «فليأتوا» هي فصيحة أي: أنها واقعة في جواب شرط مقدر والتقدير: إن صدقوا بقولهم اختلقه فليأتوا ...