سورة الطور
  من أنه مفتر وكذاب.
  {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ(١) الْخَالِقُونَ ٣٥} ما هو السبب الذي جعلهم يصرون على الكفر والجحود بالله تعالى وتكذيب آياته ورسوله ÷، هل هو لأنهم خلقوا من غير خالقٍ خلَقَهم؟ أم أنهم هم الذين خلقوا أنفسهم؟ فلماذا لا يتفكرون في خلق أنفسهم ويؤمنوا ويصدقوا بالإله الذي خلقهم وأوجدهم ويتركوا شركهم وباطلهم؟ وهذا السؤال سيحجهم ويحجرهم وسيكون جوابهم حتماً بالنفي ولا بد أن يعترفوا ويقروا بأن خالقاً خلقهم بقدرته.
  {أَمْ خَلَقُوا السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ بَل لَا يُوقِنُونَ ٣٦}(٢) أم أنهم هم الذين خلقوا السماوات والأرض حتى جعلوا لأنفسهم هذه المنزلة من العناد لله تعالى والتكبر عن الإقرار بربوبيته ووحدانيته، وهم قد عروفا أنه لم يكن شيء مما سبق غير أنهم لا يوقنون بوحدانية الله.
  {أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُسَيْطِرُونَ ٣٧} أم أن ملك السماوات والأرض وما فيهما من أرزاق الله ورحمته وعطائه بأيديهم حتى يتحكموا على الله تعالى ويختاروا ويقترحوا للنبوة من أرادوا، ويعترضوا على الله سبحانه وتعالى فيما اختار
(١) سؤال: هل في عطف الجملة الاسمية هنا مناسبة على الجملة الفعلية أم كيف؟
الجواب: اقتضى الحال في قوله: {أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ ٣٥} العدول عن الفعلية إلى الاسمية وذلك من حيث أن المقصود الاستفهام عن الفاعل (المسند إليه) فلزم تقديمه؛ لأن المستفهم عنه يجب أن يلي الهمزة.
(٢) سؤال: ظاهر الاستفهامات السابقة أنهم قد عرفوا جميع ما تقدم فكيف نفى سبحانه عنهم اليقين في آخر هذه الآية؟
الجواب: نفى عنهم اليقين مع معرفتهم بما تقدم؛ لأنهم لا يوقنون بوحدانية الله، وقد كان من المفروض بعد إيقانهم بما تقدم أن يؤمنوا بالله وحده، إلا أنه لا يحصل منهم ذلك فقال: «بل لا يوقنون».