محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة النجم

صفحة 299 - الجزء 4

  كيف ينسبون البنات إلى الله سبحانه وتعالى وينزهون أنفسهم عن اتخاذها، ويستنكفون منها أشد الاستنكاف حتى أن من ولدت له بنت فإنه يدفنها حية خوفاً من الفضيحة بين قومه، فهذا ليس من الإنصاف والعدل في شيء بل هو عين الجور والباطل إذ ينسبون إلى الله سبحانه وتعالى ما يستنكفون من نسبته إليهم.

  {إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ⁣(⁣١) اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ} وهذه الآلهة التي تعبدونها لا تملك من صفات الإلهية شيئاً إلا الاسم الذي تسمونها به لا غير، ولم ينزل الله سبحانه وتعالى بهذه التسمية أي دليل على إلهيتها، وإنما وسوس لكم الشيطان وزينها في أعينكم حتى توهمتم إلهيتها وعبدتموها من دون الله، وصادف ذلك أهواءكم وما تميل إليه شهواتكم.

  {وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى ٢٣}⁣(⁣٢) على لسان نبيه محمد ÷ حتى عرفوا الحق والهدى، وعرفوا أن ما جاءهم به هو الدين الحق حتى لم يبق لهم أي عذر في جهالتهم وشركهم وباطلهم.

  {أَمْ لِلْإِنْسَانِ مَا تَمَنَّى ٢٤ فَلِلَّهِ الْآخِرَةُ وَالْأُولَى ٢٥}⁣(⁣٣) ثم أخبرهم الله سبحانه


(١) سؤال: ما إعراب «إن هي إلا أسماء»؟ وما الوجه في فصل جملة: «ما أنزل الله بها ...» عن سابقتها؟

الجواب: «إن» حرف نفي، «هي» مبتدأ، «إلا» أداة استثناء، «أسماء» خبر المبتدأ، والاستثناء مفرغ، وفصلت الجملة عن سابقتها لأنها علة لما قبلها.

(٢) سؤال: كيف نستدل من هذه الآية على إبطال مذهب المجبرة؟

الجواب: تدل هذه الآية: {إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى ٢٣} على أنهم تركوا الهدى واتبعوا هوى أنفسهم باختيارهم، وهذه الآية مثل قوله تعالى: {وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى ..}⁣[فصلت: ١٧]، فهذه نصوص قرآنية صريحة تكذب المجبرة وتهدم مذهبهم.

(٣) سؤال: لم نفهم التعلق والترابط بين الاستفهام في قوله: «أم للإنسان ..» وبين اختصاص =