محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة النجم

صفحة 300 - الجزء 4

  وتعالى أنه هو المالك المسيطر على ما في السماوات والأرض يتصرف في ملكه كيفما شاء، وليس لهم أن يقترحوا عليه شيئاً أو يفرضوا عليه رأياً أو يختاروا للنبوة من أرادوا، فهو وحده الذي له أن يختار لنبوته ورسالته من أراد.

  {وَكَمْ⁣(⁣١) مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى ٢٦}⁣(⁣٢) وهو تعالى المالك والمسيطر والمتصرف في ملك


= الباري بالآخرة والأولى، فلو وضحتم ذلك حفظكم الله؟

الجواب: الاستفهام إنكاري فقد كان المشركون يعترضون على الله في اختياره للنبي ÷ للنبوة، واتخذوا لهم آلهة من دون الله وشرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله، فصنيعهم هذا هو صنيع من يرى أن الملك ملكه وسلطان الأرض حق له، لا يحق لرسول الله ÷ أن يشرع الشرائع وينشر الدين، وليس لله أن يختار محمداً ÷ للنبوة، بل هم الذين يختارون لها من يشاءون فاستنكر الله تعالى عليهم ذلك الصنيع الذي منتهم به أنفسهم وزينته لهم، فالله تعالى هو المالك للدنيا والآخرة، فله أن يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد.

(١) سؤال: فضلاً هل «كم» هذه خبرية أم استفهامية؟ وما محلها من الإعراب؟ وما محل جملة «لا تغني شفاعتهم»؟

الجواب: «كم» هذه خبرية، وهي في محل رفع مبتدأ، وجملة: «لا تغني شفاعتهم ..» في محل رفع خبر والتقدير: ملائكة كثيرون في السموات لا تغني شفاعتهم.

(٢) سؤال: هل نأخذ من هذه الآية دليلاً على أنه لا شفاعة للعصاة من أمة محمد ÷ أم لا؟ ولماذا؟

الجواب: الآية ترد على المشركين الذين قالوا: إن معبوداتهم التي يعبدونها من دون الله سيشفعون لهم عند الله {وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ}⁣[يونس: ١٨]، فرد الله تعالى عليهم بأن في السماء ملائكة ذوي عدد كثير لا تغني شفاعتهم ولا تنفع أي نفع إلا من بعد أن يأذن الله تعالى لمن شاء من الملائكة والأنبياء والصالحين. فإذا أذن لهم في الشفاعة ورضيها فستنفع وتغني المشفوع له. ولكن يمكننا بمعونة قوله تعالى: {فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ ٩٦}⁣[التوبة]، أن نقول: إن الله تعالى لن يأذن للملائكة والأنبياء وغيرهم بأن يشفعوا للفاسقين المرتكبين للكبائر من أمة محمد ÷ ومن غيرهم.