سورة النجم
  {فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا(١) ٢٩ ذَلِكَ(٢) مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدَى ٣٠ وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا(٣) عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى ٣١} بعد أن أطلع الله سبحانه وتعالى نبيه ÷ على معتقدات المشركين، وبعد أن بلغهم الحجة فأعرضوا عنه وتمردوا عليه أمره أن يعرض عنهم وعن باطلهم وشركهم ومعتقداتهم، وأن يتركهم في خوضهم وباطلهم يلعبون؛ لأنهم كفروا بلقاء الله تعالى وأنكروا البعث والحساب والجزاء، وتوجهوا بقلوبهم إلى الدنيا وشهواتها وقصروا علمهم على ذلك، وأخبر نبيه ÷ أنه عالم بهم وبأعمالهم، وعالم بالضال والمهتدي من عباده وسيجازي كلاً منهم بما يستحقه، فهم في قبضته وقدرته وتحت سيطرته، ولم يخلق السماوات والأرض وما بينهما إلا لغرض عظيم(٤)، وهو ما يترتب على خلقهما من البعث والحساب والجزاء
(١) سؤال: هل تصلح الآية دليلاً على وجوب ترك مصاحبة المعرض عن العمل بآيات القرآن المنهمك في الدنيا المرتكب لبعض المعاصي أم لا، مع تعليله؟
الجواب: نعم، في الآية دليل على ما ذكرتم؛ لأن الأمر بالإعراض عمن تولى ... يقتضي الإعراض عن مصاحبته ومجالسته ومخالطته ومعاملته ومناكحته ... وإلى آخر ما يقدر، والمراد بمن تولى عن ذكر الله هو الذي قد عرف الحق وتبين له ثم تولى عنه إلى الباطل والتمرد، ولكن بعد تذكيره ومراجعته والتلطف به ... وإلى آخر ما يتأتى من المحاولات لرده إلى الحق.
(٢) سؤال: فضلاً إلام الإشارة بذلك؟
الجواب: الإشارة هي إلى أمر الحياة الدنيا.
(٣) سؤال: هل الباء هنا سببية أم معدية؟ فكيف نفهم معناها على ذلك؟
الجواب: الباء للتعدية أي: بجزاء ما عملوا أو بمثل ما عملوا.
(٤) سؤال: من أين نفهم هذا والظاهر أن إثبات ملكية الله لما فيهما هي المعللة بذلك؟
الجواب: هذا مما بني على المعنى الذي يسمى في علم النحو بالتوهم فكأنه قال: خلق الله ما في السموات وما في الأرض ليجزي الذين ... بدليل نحو قوله تعالى: {وَخَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَلِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ ...}[الجاثية: ٢٢].