سورة النجم
  بأحد عن غير قصد أو شعور فإن الله سبحانه وتعالى سيتجاوز عنها ويغفرها، فهو ذو رحمة واسعة لا يؤاخذ المؤمن الذي حبس نفسه عن اقتراف المآثم ولم يصر على ارتكاب المعاصي وقد وطن نفسه على طاعة الله تعالى وفعل ما يرضيه، فمهما كان محافظاً كذلك فإن الله تعالى سوف يتجاوز عنه ويغفر له.
  {هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَإِذْ(١) أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ} فهو عالم بخلقه من بني آدم وعالم بضعفهم وبنيتهم التي بناهم عليها، وأنهم لا يستطيعون أن يتحرزوا عن الوقوع في مثل تلك الهفوات والزلات.
  {فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى ٣٢}(٢) فلا تحكموا لأنفسكم أيها الناس بالصلاح والتقوى، فأنتم محل الخطأ والزلل والهفوات والنسيان والتقصير والتفريط، ولن يخلو أحدكم من الوقوع في مثل ذلك، فليحذر كل امرئ أن يظن(٣)
= الاشتراط في قوله تعالى: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ}[النساء: ٣١]، ففي هذه الآية اشتراط اجتناب الكبائر لتكفير الصغائر ومنها يؤخذ الدليل على أن فاعلي الكبائر لا تكفر عنهم الصغائر.
أما الخطأ والنسيان فالظاهر أن الله تعالى لا يؤاخذ عليهما مطلقاً سواء أصدرا عن مؤمن أم غير مؤمن؛ لقوله تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}[البقرة: ٢٨٦]، وليس في وسع الإنسان أن يتحرز عن أن يصدر منه خطأ بقول أو فعل أو أن يحفظ نفسه عن النسيان؛ لأن الإنسان بفطرته وطبيعته يقع منه الخطأ والنسيان.
(١) سؤال: ما هو العامل في «إذ» الظرفية في هذه الآية؟
الجواب: العامل في الظرف هو «أعلم».
(٢) سؤال: هل يناسب مدلول هذه الآية {فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ ...} القول بأن الصغائر المكفرة هي الخطأ والنسيان؟
الجواب: بل تدل على أن الصغائر المكفرة هي غير الخطأ والنسيان؛ لأنه لا يمكن أن يتقي المكلف الوقوع في الخطأ والنسيان.
(٣) سؤال: قد يصدر من بعض الأولياء والصالحين كلمات ظاهرها التزكية فكيف نحمل ذلك؟ =