محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة النجم

صفحة 306 - الجزء 4

  وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى⁣(⁣١) ٣٨ وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى⁣(⁣٢) ٣٩ وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ


(١) سؤال: من فضلكم ما معنى «أن» في قوله: «ألا تزر»؟ وما الوجه في وصلها بـ «لا» النافية وفصلها عن «ليس» وظاهر معناهما متحد وهو التفسير؟

الجواب: «أن» مخففة من الثقيلة، وهي وما دخلت عليه في تأويل مصدر مجرور بدل من «ما» في قوله: {بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى ٣٦} والوجه في وصل «أن» بلا النافية قد يكون بسبب أن النون لما أدغمت في «لا» صارت «أن» و «لا» كلمة واحدة في النطق أي: حرفاً واحداً، فأتبعوا الكتابة النطق. وبعد، فخط المصحف سنة لا تقاس. و «ليس»: كلمة مستقلة برأسها وليس هناك علة لاتصالها كما في نون «أن» فتركت على الأصل وهو الانفصال، ولا تحتاج إلى دليل لماذا لم تتصل؛ لأن الأصل الانفصال.

(٢) سؤال: قد يستدل البعض بقوله تعالى: {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى ٣٩} على عدم لحوق البر والأعمال الصالحة المهداة من الصالحين للأموات، فما هو أقرب وأخصر جواب يجيب به المرشدون على ذلك؟

الجواب: «المؤمنون بعضهم من بعض»، {بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ}⁣[التوبة: ٧١]، يتواصون بالحق ويتواصون بالصبر، {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}⁣[الحجرات: ١٠]، بل جعل الله المؤمنين نفساً واحدة في قوله تعالى: {وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ}⁣[الحجرات: ١١]، فمن هنا يصح لحوق البر من المؤمن لأخيه المؤمن الميت أو الحي بحج أو عمرة أو صدقة أو تلاوة قرآن أو ذكر أو ... إلخ، وصح أن يقال إن ذلك من سعيه فإن نفس المتصدق والمتصدق عليه (الميت) نفس واحدة، والمؤمن هو بعض للمؤمن الآخر وجزء منه.

زيادة بيان:

الإيمان والإخلاص وحسن العمل والتزام التقوى هو العمل والسعي الذي ربطه بالمتقين وجعله منهم وجعلهم نفساً واحدة؛ لذلك كان ما ألحقه بعضهم لبعض من البر والصدقة من سعي المتصدق عليه، وقد صح كما في مسند الإمام زيد بن علي عن أبيه عن جده عن علي # أن رسول الله ÷ سمع رجلاً يلبي عن شبرمة فقال له رسول الله ÷: «ومن شبرمة؟» فقال: أخ لي، فقال له النبي ÷: «إن كنت حججت فلب عن شبرمة، وإن كنت لم تحج فحج عن نفسك»، وفي صحيح مسلم عن عبدالله بن بريدة عن أبيه قال: بينا أنا جالس عند رسول الله ÷ إذ أتته امرأة فقالت: إني تصدقت على أمي بجارية وإنها ماتت، قال: فقال: «وجب أجرك، وردها عليك الميراث» قالت: يا رسول الله إنه كان عليها صوم =