محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة النجم

صفحة 307 - الجزء 4

  يُرَى ٤٠ ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى ٤١}⁣(⁣١) معنى «أكدى»: منع عطاءه بخلاً، وذلك أن رجلاً من المسلمين يقال: إنه عثمان بن عفان كان يخرج صدقة أمواله وينفقها على الفقراء والمساكين والمحتاجين فرآه رجل من المشركين، ثم عرض عليه أن يترك إخراج صدقته مقابل أن يتحمل عنه وزره وذنبه، فاستساغ عثمان ذلك، وقَبِلَ عَرْضَهُ، وتولى عما كان يعمله من الخير، فاستنكر الله تعالى عليه قبوله عرض ذلك المشرك، وسأله من أين علم صحة ما قاله المشرك حتى يصدقه؟ هل وجد ذلك مكتوباً فيما أنزل الله تعالى من الكتب على رسله؟ وهل رأى مكتوباً في صحفهم أنه يصح أن تتحمل نفس وزر نفس أخرى؟ أما علم أن كل امرئ سوف يتحمل وزر نفسه على ظهره وحده؟ وأن الله تعالى لا يكتب لأحد إلا سعيه وعمله الذي عمله ثم إنه سيراه يوم القيامة، ثم يجزى بحسبه جزاءً وافياً؟! بلى قد علم كل ذلك، ولكن عرض ذلك المشرك قد وافق ما في نفسه.

  {وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى ٤٢} ألم يعلم أن أمور الخلائق ستنتهي يوم القيامة إلى الله فيجازي كلاً بما عمل.

  {وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى ٤٣ وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا ٤٤} أَوَلَم يعلم أيضاً أن ما يصيب الإنسان من الفرح والسرور⁣(⁣٢) والحزن والنفع والضر بيد الله سبحانه وتعالى


= شهر أفأصوم عنها؟ قال: «صومي عنها» قالت: إنها لم تحج قط أفأحج عنها؟ قال: «حجي عنها». اهـ ومثل حديث مسند الإمام زيد في صحيح ابن خزيمة.

(١) سؤال: هل يقدر حرف الجر في المفعول الثاني لـ «يجزاه»؟ وما السر في دخول «أل» على المصدر في قوله: «الجزاء الأوفى»؟

الجواب: لا يلزم تقدير حرف الجر في المفعول به الثاني؛ لأن الفعل جزى ويجزي يتعدى بنفسه وبحرف الجر كما في قوله تعالى: {نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ}⁣[الأنبياء: ٢٩]، «جزاك الله خيراً» وقد تقدم قريباً جواب مثل هذا السؤال. وقد أعربوا «الجزاء الأوفى» مفعولاً به ثانياً ليجزاه، وقالوا: إن الهاء ضمير السعي، وقدروا حرف جر لهذا الضمير، وهذا الإعراب جيد وأولى من جعل «الجزاء» مفعولاً مطلقاً، وبهذا يرتفع الإشكال.

(٢) سؤال: هل المراد السرور والضحك الذي يحصل عند حصول أسبابه أم كيف؟ فظاهر بعض =