محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة الرحمن

صفحة 331 - الجزء 4

  خزائنه من دون أن تنقص أو تنفد، وكلهم يسألونه إما بلسان المقال كأهل العقول من الإنس والجن والملائكة أو بلسان الحال كبقية الحيوانات.

  وله تعالى في كل يوم شأن معهم وأمر من القضاء والخلق والرزق والموت والحياة والأخذ والعطاء والصحة والسقم و ... إلخ⁣(⁣١).

  {سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلَانِ⁣(⁣٢) ٣١ فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ٣٢} يتهدد الله سبحانه وتعالى المكلفين من الإنس والجن بأنه لا بد أن يفرغ لهم يوماً يحاسبهم فيه ويحكم بينهم، وقد عبر بما يعرفونه في تخاطبهم، وإلا فهو ليس بحاجة إلى أن يفرغ له وقتاً، {وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ ٥٠}⁣[القمر]، ويوم الحساب والجزاء هو من نعم الله العظيمة فيوفي الله تعالى العاملين المحسنين أجورهم، وينتصف فيه للمظلوم من ظالمه، وذلك نعمة عظيمة⁣(⁣٣).

  {يَامَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ


(١) سؤال: هل تعود هذه إلى أنها أفعال له سبحانه ينشئها فتعود إلى كونها صفة فعل الباري أم كيف؟

الجواب: يعود ذلك إلى كونه صفة فعل {فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ ١٦}⁣[البروج].

(٢) سؤال: ما رأيكم فيما يقال: إن هذه الآية أعظم وعيد في القرآن؟

الجواب: ذلك قول صحيح، وذلك من حيث أن هذه العبارة هي مستعارة من قول الرجل لمن يتهدده: سأفرغ لك، أي: سأتجرد للإيقاع بك من كل شغل حتى يكون الانتقام منك هو شغلي الشاغل لا يشغلني شيء آخر سواه، والله تعالى لا يشغله شيء عن شيء، وإنما المراد أن الله تعالى سينتقم منهم غاية الانتقام ويعذبهم غاية العذاب الذي يستحقونه.

(٣) سؤال: هل يصح أن نحمل النعمة هنا على تهديد الله تعالى للثقلين؛ لأن ذلك يقودهم إلى الخوف منه والحذر من الوقوع فيما هددهم به؟

الجواب: ما ذكرناه نعمة، وما ذكرتموه نعمة أخرى، فيكون ذلك كله مراداً؛ لأن كلا النعمتين من آلاء الرب المنعم تبارك وتعالى.