سورة الواقعة
  دونهم في الفضل من أصحاب اليمين وما يلقونه مما أعد لهم من النعيم؛ فأخبر بأنهم في بساتين من السدر الذي لا شوك فيه والموز المثمرة أشجاره من أسفلها إلى أعلاها.
  وقد أشار بقوله {ظِلٍّ مَمْدُودٍ ...} إلخ: إلى كبر تلك البساتين وكثرة أشجارها وكثافتها واستمرار ثمارها التي لا تنقطع ولا تزول أبداً، وعظم الأنهار التي تجري خلال هذه البساتين، وليست منقطعة ولا ممنوعة كما في بساتين الدنيا، وكذلك ما أعد الله سبحانه وتعالى لهم من أنواع الفرش التي تنتظرهم فوقها أزواجهم من الحور العين اللواتي خلقهن الله وابتدعهن لأهل الجنة أبكاراً متدللات لأزواجهن في سن واحدة.
  والعُرب: هن اللواتي يتوددن إلى أزواجهن ويتلطفن لهم. والأتراب: هن المستويات في السن، فهذا هو نعيم أصحاب اليمين.
  {وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ ٤١ فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ ٤٢ وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ ٤٣ لَا بَارِدٍ وَلَا كَرِيمٍ(١) ٤٤ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ ٤٥ وَكَانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ ٤٦ وَكَانُوا يَقُولُونَ أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ ٤٧ أَوَآبَاؤُنَا الْأَوَّلُونَ ٤٨}(٢) ثم ذكر تعالى أصحاب الشمال، وما أعد لهم من العذاب الذي ينتظرهم، فأخبر الله سبحانه وتعالى عنهم بأنهم يوم القيامة بين لهيب جهنم وسعيرها يتقلبون، ولا يشربون إلا من قيح جهنم وصديد أهلها الذي يغلي في بطونهم ويقطع أمعاءهم. ومعنى «سموم»: الريح الحارة التي تدخل في مسام
(١) سؤال: يقال: ما الوجه في وصف الظل بقوله: «لا بارد ولا كريم»؟
الجواب: وصف بذلك للاحتراس عن توهم أن يكون للظل المذكور برودة وراحة كما هو الحال في الظل في الدنيا.
(٢) سؤال: فضلاً ما هو إعراب {أَوَآبَاؤُنَا الْأَوَّلُونَ ٤٨}؟ مع ذكر السر في فتح الواو في «أو»؟
الجواب: الهمزة للاستفهام والواو حرف عطف. «آباؤنا» معطوف بالواو على مرفوع «لمبعوثون» أي: على فاعله، فهمزة الاستفهام دخلت على الواو العاطفة.