محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة الواقعة

صفحة 345 - الجزء 4

  {وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولَى فَلَوْلَا تَذَكَّرُونَ ٦٢} فما بالكم تنكرون البعث بعد الموت، وتنكرون قدرة الله سبحانه وتعالى على إحيائكم بعد موتكم، فلو أنكم تفكرتم في بداية خلقكم كيف قدر سبحانه وتعالى على ذلك؟ لعلمتم أنه قادر على إنشائكم وإحيائكم مرة أخرى.

  {أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ⁣(⁣١) ٦٣ ءَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ ٦٤ لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ ٦٥ إِنَّا لَمُغْرَمُونَ ٦٦ بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ ٦٧}⁣(⁣٢) ثم سألهم الله سبحانه وتعالى عما يبذرونه في الأرض من الذي يخرجه وينبته من الأرض؟ ومن الذي يخرج لهم ثمره؟ واستنكر عليهم لماذا لا يتفكرون وينظرون في هذه الآية العظيمة الدالة على أنه لا بد من قادر متمكن من ذلك؟ فلن يجدوا إلا الله سبحانه وتعالى وحده فهو القادر على كل ذلك.

  ثم أخبرهم أنه لو شاء أن يحرق هذا الزرع ويصيبه بآفة تفسده لفعل من غير أن يقدروا على دفع ذلك عن زروعهم ثم يتحسرون⁣(⁣٣) ويبكي بعضهم إلى بعض.

  أولا يعلمون أن الله سبحانه وتعالى قادر على أن يذهب برزقهم أو يحبسه عنهم فلا يستطيعون أن يكسبوا لأنفسهم بعد ذلك خيراً أو يجلبوا لأنفسهم رزقاً، فلماذا


(١) سؤال: يقال: كيف أطلق الحرث على البذر وظاهره أنه إثارة الأرض وتسويتها أو نحو ذلك؟

الجواب: التقدير: أرأيتم زرع ما تحرثون، فَحُذِف لوجود القرينة الدالة عليه وهي قوله: «أأنتم تزرعونه» فعلم أنه أراد الزرع.

(٢) سؤال: هل قوله: «إنا لمغرمون ..» إلخ، مقول لقول محذوف لهم؟ إن كان فما محله؟

الجواب: قوله: «إنا لمغرمون» مقول لقول محذوف أي: قائلين إنا لمغرمون ... فتحسرهم وتندمهم و ... إلخ هو تفكه أي تنقل في الحديث، وقد ذكر الله تنقلهم في الحديث بقوله: «إنا لمغرمون بل نحن محرومون».

(٣) سؤال: لم نستوعب كون التحسر من معاني التفكه هنا، فكيف؟

الجواب: التفكه هو التنقل بصنوف الفاكهة استعير للتنقل بالحديث.