سورة المجادلة
  {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ} كان المؤمنون يكثرون على النبي ÷ من الأسئلة، ويتزاحمون عليه حتى يتسببوا في إلحاق الأذى والضيق عليه، فأراد الله سبحانه وتعالى أن يخفف عن نبيه ÷ هذا الزحام؛ فأوجب على من أراد أن يناجيه أو يسأله أن لا يفعل ذلك إلا بعد أن يخرج صدقة من ماله، ويتصدق بها في سبيل الله تعالى أو على الفقراء والمساكين، وليس المراد أن يعطيها النبي(١) ÷، وأخبرهم أن ذلك أفضل لهم عند الله تعالى وأسلم من اقتراف المآثم، وتسبيب الأذى للنبي ÷.
  {فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ١٢} وأما من لم يجد شيئاً يخرجه فلا حرج عليه أن يسأل النبي ÷، وبعد أن فرض الله تعالى عليهم ذلك وأوجبه - امتنعوا عن الازدحام على نبيهم، وتركوا مساءلته، ولم يسأله في هذه الفترة إلا أمير المؤمنين # فقد قدم ديناراً وقسمه أرباعاً(٢) فكان يخرج عند كل سؤال يسأله ربعاً.
  {ءَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا(٣) بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا
= أوتوا العلم كأنه قال: ويرفع الذين أوتوا العلم درجات، وذلك أن ذكر الذين أوتوا العلم بعد ذكر المؤمنين مع دخولهم فيهم يدل على اختصاصهم بمزية ومكانة فوق مكانة المؤمنين.
(١) سؤال: فضلاً من اين نفهم هذا وما بعده؟
الجواب: فهم ذلك من تسميتها صدقة، والصدقة لا تحل لمحمد ÷ ولا لآل محمد ÷، ومن آية: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ}[التوبة: ٦٠].
(٢) سؤال: هل يؤخذ من هذا تحديد مقدار الصدقة؟ أم أنها على إطلاقها؟
الجواب: الأولى أن تبقى على إطلاقها كما أنزلت.
(٣) سؤال: ما محل المصدر «أن تقدموا»؟ وما معنى «الفاء» و «إذ» وإعرابهما في قوله: «فإذ لم تفعلوا»؟ وكذا الفاء في قوله: «فأقيموا»؟
الجواب: محل المصدر الجر بـ «من» مقدرة، والفاء عاطفة، و «إذ» ظرف لما مضى من الزمان، وفيها رائحة التعليل متعلقة بقوله: «فأقيموا»، والفاء في «فأقيموا» رابطة لتقدم معنى الشرط.