سورة الحشر
  أهل الصُّفَّة، فأمر الله سبحانه وتعالى بقية المسلمين أن يتركوها لهؤلاء الفقراء المهاجرين الذين طردهم المشركون، والذين ضحوا بديارهم وأموالهم من أجل الحفاظ على دينهم، وآثروا طاعة الله تعالى ونصر نبيه ÷.
  {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ(١) مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا(٢) أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} ثم أثنى الله سبحانه وتعالى على أهل المدينة لما آووا النبي ÷ هو ومن هاجر معه وفتحوا لهم بيوتهم، وتحملوا في سبيل إيوائهم وسد فاقتهم المشاق، وآثروهم على أنفسهم بأموالهم من دون أن يحملوا في أنفسهم أي ضغينة عليهم أو يظهر عليهم شيء من علامات الكراهية أو التثاقل لهم، وأيضاً لأجل أنه لم تظهر عليهم أي أمارة من أمارات الحسد عندما آثرهم النبي ÷ عليهم بالغنائم التي غنمها من اليهود، ولم يظهر منهم أي اعتراض على النبي ÷، ولأنهم ضحوا
= عندهم من مزارع النخيل، وقوله تعالى في مدحه للأنصار: {وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} فإن ذلك يدل على أن النبي ÷ خص المهاجرين بالفيء دون الأنصار.
واستدلال الإمام الهادي # صحيح، ولا يلزم منه أنهم شركاء مع المهاجرين في الفيء المذكور، ومراد الهادي # أن استحقاق ذلك هو بالنصرة للنبي ÷ وقد كان المهاجرون هم السباقين في النصرة ثم الأنصار في الدرجة الثانية ثم ..؛ لذلك فيخص المهاجرون بالخمس أو الفيء فإن لم يكن مهاجرون فيعطى للأنصار، فإن لم يكن أنصار فللمسلمين ..
(١) سؤال: يقال: قد نفهم التبوء للدار فكيف التبوء للإيمان؟
الجواب: يقال: المعنى تبوأوا الدار واعتقدوا الإيمان أي: أن هنا فعلاً مقدراً كقوله: علفتها تبناً وماءً بارداً أي: وسقيتها ماءً بارداً.
(٢) سؤال: ما معنى «مما» هنا؟
الجواب: معنى «من» التعليل أي: من أجل ما أوتوا.