سورة الحشر
  بأنفسهم وأموالهم من أجل من هاجر إليهم فكانوا يمسون جائعين ليشبعوا جوعتهم. ومعنى «تبوءوا الدار والإيمان»: توطنوا المدينة واعتقدوا الإيمان وتمكنوا فيه. ومعنى «خصاصة»: فقر وحاجة.
  {وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ٩} وكان أهل المدينة أهل كرم وسخاء وإيثار، فأثنى الله سبحانه وتعالى عليهم ومدحهم على ذلك، ومن تحلى بهذه الصفة وجنب نفسه البخل والحرص على المنع فهو الذي سيظفر بثواب الله تعالى والفوز بالنعيم الدائم.
  {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ١٠} وأثنى الله سبحانه وتعالى أيضاً على الذين أسلموا متأخرين وكانوا يدعون لمن سبقهم بالإيمان بالمغفرة، وأن يذهب ما في قلوبهم من الغل والحقد(١) عليهم.
  {أَلَمْ تَر إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ(٢) الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ
(١) سؤال: هل تريدون الغل والحقد المتبقي من زمان كفرهم أم ماذا؟ وهل يصح أن يحمل على الوحشة وما قد يحصل بين الصالحين من التحسسات فيقال بأنها لا تخل بإيمانهم أم لا؟
الجواب: المراد الغل المتبقي من زمان الكفر بسبب القتل الذي حصل فيهم من المسلمين كقريش وأهل حنين وبني المصطلق وغيرهم ممن قاتل رسول الله ÷ والمؤمنون، وليس المراد الوحشة والتحسسات فإنها عامة للجميع وليست خاصة بالذين جاءوا من بعد الأولين.
(٢) سؤال: كيف نجمع بين هذه الآية والآية المتقدمة في المجادلة {مَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَا مِنْهُمْ}؟ وهل يمكن أن نستفيد من هذه الآية أن القوم الذين غضب الله عليهم هناك هم اليهود أم لا؟
الجواب: لا معارضة بين الآيتين فالمراد هنا أنهم إخوانهم في الباطن؛ إذ يجمعهم الكفر دون الظاهر فظاهرهم أنهم مسلمون غير كافرين، وبسبب النفاق (كفر الباطن) كانوا مذبذبين لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء.
وفيها دليل على أن القوم الذين غضب الله عليهم هناك في آية المجادلة هم اليهود.