محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة الحشر

صفحة 402 - الجزء 4

  سبحانه وتعالى الأمر لهم بتقواه لينبههم ويشدد عليهم في الحرص والمحافظة على تقواه، وأن لا يتساهلوا في شيء من المعاصي مطلقاً أو يقصروا في شيء من الطاعات.

  {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ١٩} ونهاهم أن يكونوا كمن سبقهم من أهل⁣(⁣١) الكتاب الذين استرسلوا في أهوائهم وشهواتهم ناسين وغافلين عن طاعة الله تعالى.

  ثم أخبر الله تعالى أنه بسبب نسيانهم وغفلتهم أنساهم أنفسهم⁣(⁣٢)، وسلبهم ألطافه وتركهم في غيهم وضلالهم دون أن ينبههم أو يذكرهم بألطافه، وحكم عليهم بأنهم خارجون عن طاعته وحدود شريعته مستأهلون لعذابه وسخطه.

  {لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ ٢٠}⁣(⁣٣) لا يظن المنكرون للبعث والحساب أن الأمر⁣(⁣٤) كما يظنون من أنه


(١) سؤال: يقال: من أين نستطيع أن نفهم أنهم من أهل الكتاب؟

الجواب: من حيث أن المخاطبين لا يعرفون غيرهم ممن ذكرهم الله بالرسل والكتب.

(٢) سؤال: هل النسيان في «نسوا الله» حقيقة أم مجاز؟ وهل هو كذلك في: «فأنساهم أنفسهم»؟

الجواب: النسيان هنا هو حقيقة بدليل: {فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ}⁣[الحديد: ١٦]، فلم يعد في قلوبهم خوف من الله ولا ذكر لأمره ونهيه ووعده ووعيده فإذا عرضت لهم المعصية عملوها غير ذاكرين أن الله قد نهى عنها وحرمها وتوعد بالعذاب الشديد عليها، وأيضاً لا يذكرون أمر الله بما فرضه عليهم ولا وعيده على من ترك امتثال أمره، ولا ثوابه لمن عمل بطاعته فهم في حالة نسيان دائم مستحكم، مع أنهم أهل كتاب أنزله الله عليهم فيه أمر الله ونهيه ووعده ووعيده وفيه الهدى والنور. وقوله: «فأنساهم أنفسهم» فالمقصود أن الله تعالى سلبهم الألطاف والتوفيق والتنوير بسبب معاصيهم ونسيانهم لذكر ربهم.

(٣) سؤال: ما السر في فصل جملة «أصحاب الجنة هم الفائزون» عما قبلها؟

الجواب: فصلت لأنها في جواب سؤال مقدر.

(٤) سؤال: فضلاً ما الموجب أو الحامل على هذا التأويل؟

الجواب: قد استنكر الله تعالى على الكافرين تسويتهم بين المؤمن والفاسق المجرم فقال: {أَفَنَجْعَلُ =