محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة الممتحنة

صفحة 412 - الجزء 4

  ويصبحوا بعد العداوة إخوانا، وأخبره أنه قادر على أن يظهره عليهم ويمكنه منهم حتى يسلموا مكرهين خوفاً من حر السيوف، وفعلاً كان كما بشر الله تعالى نبيه ÷ فقد فتح مكة ودخلها عليهم عنوة، وقهرهم وأذلهم حتى ألجأهم إلى الإسلام مكرهين بعد أن تهددهم إن لم يسلموا بالقتل.

  {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ⁣(⁣١) تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا⁣(⁣٢) إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ٨ إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ


= إسلامه فقد جمعهم الإسلام وإخوة الإسلام. وقوله: «والله غفور رحيم» أي: أن الله يغفر لمن أسلم ما سلف من كفره وفسوقه «الإسلام يجب ما قبله»؛ لذلك فلا تدل على المغفرة لما يستقبل من الأعمال بعد الإسلام، وقد أمر الله تعالى رسوله ÷ والمؤمنين الذين تابوا من الشرك والكفر بالاستقامة فقال: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ١١٢ وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ ...}⁣[هود].

(١) سؤال: ما محل هذا المصدر من الإعراب؟

الجواب: المصدر في محل جر على البدلية من الاسم الموصول.

(٢) سؤال: فضلاً ما مظاهر البر والإحسان إليهم؟ وهل يتعارض هذا مع موادتهم أم لا؟ مع تعليله؟

الجواب: يتمثل ذلك في بر الوالدين وصلة الأرحام والإحسان إلى من سبقت مجاورته ومكافأة من سبق منه إليك إحسان وبإرسال الهدية، وبمواساة المحتاج، وترك الأذى بالقول والفعل إلا ما أوجب الله قوله وفعله فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. ومعنى «وتقسطوا إليهم» تفضوا إليهم بالعدل أي: تنصفوهم ولا تظلموهم. وقبيلة خزاعة كانت على الشرك وتسكن مكة وليست من قريش، وكانت مسالمة للنبي ÷ ومناصحة له، ولم تدخل مع قريش في حرب النبي ÷ فنزلت فيهم وفيمن كان مثلهم. فالموادة التي نهى الله عنها المؤمنين هي مناصحة المحاربين للدين ونفعهم بقول أو فعل أو حتى بإشارة تضر بالمسلمين كأن يشير بأصبعه إلى الطريق التي ستوصلهم إلى معسكر المسلمين.

أما الرقة والشفقة القلبية فهي طبع في الإنسان لا يعذر على التخلص منها، فلا يؤاخذ بها ولا يسأل عنها: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}⁣[البقرة: ٢٨٦]، وإنما يسأل المكلف عن أفعاله وأقواله الداعمة للعدو المحارب التي تصدر منه سواء أكانت بدافع المودة أم بدافع العداوة =