محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة الجمعة

صفحة 428 - الجزء 4

  {بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ٥}⁣(⁣١) بئست الصفة التي اتصف بها اليهود عندما شبههم الله تعالى بالحمار في حمل كتب العلم.

  {قُلْ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ⁣(⁣٢) ٦ وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ ٧}⁣(⁣٣) يقول اليهود: إنهم شعب الله المختار، وصفوة الله في الأرض، وأهل العلم والحكمة، وإن الجنة لهم وحدهم وإن الله تعالى قد اختصهم بالنبوة


=

١ - أن كتم العلم عند الحاجة إليه محرم.

٢ - وأن بذله عند طلبه والحاجة إليه واجب.

٣ - أنه يجوز ذم من كتم العلم عند الحاجة إليه.

٤ - أن قول الحق واجب.

٥ - أن العالم الذي يعارض بعلمه الحق والمحقين مسلوب الفضل، بمنزلة الحمار في الانحطاط والخزي، وأنه عند الله مذموم ظالم.

(١) سؤال: فضلاً ما إعراب «بئس مثل القوم الذين»؟ وما الوجه في تذييل الآيات بقوله: «والله لا يهدي القوم الظالمين»؟

الجواب: «بئس» فعل ماض للذم. «مثل القوم» فاعل مضاف. «الذين» نعت للقوم والمخصوص بالذم محذوف أي: هذا المثل، وفائدة التذييل بيان أنهم ليسوا من أهل التوفيق والتنوير والهداية.

(٢) سؤال: أين جواب الشرط «إن كنتم صادقين» في الآية؟

الجواب: الجواب مقدر محذوف لدلالة ما قبله عليه أي: إن كنتم صادقين فتمنوا الموت.

(٣) سؤال: يقال: قد يكون الإنسان مطيعاً لله سبحانه ولا يتمنى الموت، أو يخاف الموت ويهرب منه، فهل ذلك نقص في إيمانه؟

الجواب: كان اليهود يجزمون أو يقطعون بأنهم وحدهم أولياء الله وأهل جنته ورحمته يقولون ذلك على سبيل الجزم والقطع، ومن شأن من كان كذلك أن لا يخاف لقاء الله ولا يبالي بنزول الموت عليه، والخوف من الموت يضمحل أو يقل مع اليقين بالفوز عند الله، وهذا خاص باليهود؛ لأنهم ادعوا لأنفسهم مكانة عند الله عظيمة حتى قالوا نحن أبناء الله وأحباؤه. أما المؤمن المطيع لله فغير جازم وقاطع برضوان الله والنجاة من عذابه بل هو بين الرجاء والمخافة فهو لذلك يخاف الموت وما بعد الموت، والعاقل لا يقدم على أمر ولا يتمنى الإقدام عليه إلا إذا تيقن النفع وأمن المكروه، أما إذا لم يحصل إلا التجويز وعسى ولعل فلا لوم ولا ذم، بل قد يلام على الإقدام في منافع الدنيا المحفوفة بالمخاطر.