سورة الجمعة
  وجعلها فيهم وحدهم، ولا يصح أن يحولها الله تعالى عنهم، فليس للعرب فيها أي نصيب، ولا حظ لهم في شيء من رحمة الله تعالى أو فضله؛ فأمر الله سبحانه وتعالى نبيه ÷ أن يقول لهم: إن كنتم صادقين فتمنوا الموت، ولكنهم لن يتمنوه أبداً؛ لأنهم يعلمون أن محمداً نبي صادق، ويعلمون أنهم عاصون لله تعالى متمردون عليه وعلى نبيه ÷، وأنهم إن تمنوا الموت ماتوا، وهذا ما يهربون منه ولا يريدونه؛ لعلمهم بما يقدمون عليه من العذاب والنار وسخط الملك الجبار.
  {قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ٨} قل لهم يا محمد: إن الموت الذي يفرون منه لا بد أن يلاقيهم، ولا بد أن يبعثهم الله سبحانه وتعالى بعد موتهم، ثم يحاسبهم ويجازيهم على كفرهم وتكذيبهم وتمردهم.
  {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا(١) نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ(٢) اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ(٣) كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ٩} ثم رجع الله سبحانه
(١) سؤال: ما الذي يفهم من هذا الشرط؟ وما وجه قول أهل المذهب أن الأذان للجمعة ليس بشرط في صحة الخطبتين فلو أذن بعدهما لصحت؟
الجواب: يفهم من الشرط: أنه لا يجب الحضور لصلاة الجماعة التي ينادى لها في غير صلاة الجمعة، وفي هذا دليل على صحة القول بأن الصلاة جماعة سنة مؤكدة غير واجبة على كل مكلف، أما وجوبها على الكفاية - أي كونها فرض كفاية - فإنها واجبة كذلك على الكفاية؛ لأنها شعار الإسلام وأمارته وآيته.
ووجه قول أهل المذهب أن الأذان في الجمعة ليس بشرط في صحة الخطبتين - هو أنه لم يرد دليل على كونه شرطاً لصحة الخطبتين أو لصحة الصلاة.
(٢) سؤال: هل يمكن أن نستدل من هنا أن الخطبة إذا لم تشتمل على ذكر الله فلا ينبغي السعي إليها؟ وكذا إذا اشتملت على شيء منافٍ لذكر الله أم كيف؟
الجواب: نعم يؤخذ منها ذلك فلا ينبغي السعي إلى خطبة ليس فيها ذكر الله، وهكذا لا يجب السعي إذا اشتملت على منكر وقول باطل.
(٣) سؤال: ما فائدة التعليق بهذا الشرط؟
الجواب: الفائدة منه التجهيل للمخاطبين وبيان أنهم بمنزلة من لا يفرق بين الخير والشر.