سورة المنافقون
  المدينة النبي ÷ وأصحابه، وفتحوا لهم مساكنهم، وأطعموهم وكسوهم كان المنافقون ينهونهم عن أن ينفقوا عليهم أيَّ نفقةٍ أو يؤثروهم بشيء حتى لا يرغبوهم في البقاء حول النبي ÷؛ ظناً منهم أنهم إن تركوهم من النفقة والإيواء فسيتفرقون عن النبي ÷ ويضمحل أمره، فأجاب الله تعالى عليهم بأن خزائن السماوات والأرض بيده، وأنهم لن يستطيعوا أن يمنعوا عنهم شيئاً قد كتبه الله تعالى لهم سواء كان من الأنصار أو من غيرهم، وأنهم مهما حاولوا في منعهم وقطع أرزاقهم فلن يستطيعوا ذلك أبداً.
  {يَقُولُونَ(١) لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ ٨} حصل أن اعتدى في بعض الغزوات وهي غزوة بني المصطلق أحد عبيد المهاجرين على عبد لرجل من أهل المدينة، فأخذت المنافقين الحمية الشديدة والأنفة واستنكروا كيف أنهم يؤوون المهاجرين ثم في الأخير يريدون أن يسيطروا عليهم ويتحكموا فيهم ويذلوهم،
= بوعد الله، فهم لا يعلمون صدق ذلك الوعد؛ لكفرهم وتكذيبهم بما وعد الله نبيه ÷ من العزة والنصرة والتمكين والغلبة.
وجاء قوله تعالى: {وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ ٧} بعد قوله: {لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ ...} فلو كان المنافقون ذوي فهم ونظر لعلموا أن الرزق بيد الله فهو القادر على أن ينزل الأمطار ويجري الأنهار ويبارك في الزروع والأثمار والمراعي والحيوانات، ولما قالوا ما قالوا، وبإمكان المنافقين أن يفقهوا هذا وهم على نفاقهم إلا أنهم لم يفقهوه فوصفهم الله بقوله: {وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ ٧} فجاءت هذه الصفة في مكانها المناسب وجاءت تلك {وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ ٨} في مكانها المناسب.
(١) سؤال: هل هذه الجملة استئنافية أم ماذا؟
الجواب: نعم، الجملة مستأنفة.