محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة المنافقون

صفحة 438 - الجزء 4

  فتوعدوهم بأنهم سوف يخرجونهم من بلادهم أذلاء زاعمين أن العزة والشرف لهم لكونهم أهل البلاد، وأما المهاجرون فليسوا إلا دخلاء بينهم؛ فأجاب الله سبحانه وتعالى عليهم بأن العزة كل العزة لله تعالى ولرسوله ولأوليائه المؤمنين، لا نصيب لأحد غيرهم في شيء منها. ومعنى «العزة»: القهر والغلبة.

  {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ⁣(⁣١) وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ٩} ينادي الله سبحانه وتعالى عباده المؤمنين ويحثهم على سرعة المبادرة إلى طاعته وطاعة رسوله، وأن لا يشتغلوا بشيء سواها من أمور الدنيا؛ وأخبرهم أن من شغله عن طاعة الله تعالى ورسوله شواغل من أمور الدنيا حتى⁣(⁣٢) ضيع فرائض الله تعالى وما أوجب عليه فقد خسر الدنيا والآخرة.

  {وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ ١٠}⁣(⁣٣) وأمرهم أن


(١) سؤال: بم جزم الفعل «تلهكم»؟ وهل المراد بـ «ذكر الله» المصدر حتى يصير معناه عن تذكر الله كما يفهمه كلامكم أم أن المراد الاسم فكيف يكون معناه على التحقيق؟

الجواب: جزم بحذف حرف العلة الياء، وأصله: تلهيكم. والمراد بذكر الله فعل طاعته وما أوجب الله من أداء فرائضه، فالمراد به هنا كالمراد به في قوله تعالى: {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ}⁣[الجمعة: ٩]، إلا أنه في هذه السورة عام في الجمعة وغيرها.

(٢) سؤال: ما الذي يرشدنا إلى هذا القيد؟

الجواب: يرشدنا إليه قوله تعالى: {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ٩} فمن ألهته أمواله وأولاده عن تأدية فرائض الله فقد خسر الدنيا والآخرة {فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ٩}.

(٣) سؤال: لو تفضلتم بإعراب الآية كاملة لكان مناسباً لتوضيح ما فيها؟

الجواب: «الواو» عاطفة. «أنفقوا»: فعل أمر والواو فاعل. «من»: حرف جر. «ما»: اسم موصول. «رزقناكم»: فعل وفاعل ومفعول، والجملة صلة الموصول والعائد محذوف =