سورة التغابن
سورة التغابن
  
  {يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لَهُ الْمُلْكُ(١) وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ١} ومعنى تسبيح ما في السماوات وما في الأرض هو تنزيهها وتقديسها وشهادتها بإلهية إله واحد، خلقها ودبرها وأحكم صنعها، لا ثاني معه ولا شريك ولا مثيل أو مكافئ في الربوبية والقدرة والعظمة، وأنه المالك والمسيطر على كل ما في السماوات والأرض، وأنه وحده الذي يستحق الحمد على ما أولى من النعم.
  {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ} ثم يذكر الله سبحانه وتعالى المشركين وغيرهم بأنه الذي خلقهم وأوجدهم، فما بالهم يتوجهون إلى عبادة الأصنام من دونه؟ وما هو الذي دعاهم إلى عبادتها وهم يعلمون أنها لا تستطيع أن تخلق شيئاً أو تنزل لهم رزقاً؟
  {فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ٢} ثم أخبرهم الله تعالى أنه بعد أن خلقهم انقسموا قسمين بمحض(٢) إرادتهم واختيارهم: فمنهم من
(١) سؤال: ما هو السر في فصل هذه الجملة؟
الجواب: فصلت لأنها علة لما قبلها.
(٢) سؤال: ما الذي يدلنا على أن هذا القيد مراد هنا؟ وبم يرد المرشد على من حاول أن يجعل معناها هكذا: هو الذي خلق بعضكم كافرين وبعضكم مؤمنين؟
الجواب: كون حصول الإيمان والكفر عند المؤمن والكافر باختيار منهم تدل عليه دلائل أخرى عقلية ونقلية، وليس ذلك مأخوذاً من قوله: {فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ} ويدل قوله تعالى بعدها: {وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ٢} أن أعمال الكافرين والمؤمنين واقعة منهم باختيارهم؛ لذلك نسب الأعمال إليهم ومن جملة أعمالهم الإيمان والكفر.
ويجاب على من يقول: إن المعنى: خلق بعضكم كافرين وبعضكم مؤمنين بأنه لا يوجد دلالة في قوله: {فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ} لا على أن الكفر والإيمان مخلوق فيه ولا على أنه من فعل الإنسان وباختياره، فالآية تدل على أن الله تعالى خلق بني آدم فبعدما خلقهم انقسموا =