محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة التغابن

صفحة 441 - الجزء 4

  اختار طريق الضلال والكفر، ومنهم من اختار طريق الحق والهدى؛ وسيجازي كل فريق منهم على ما عمل، فهو مطلع على جميع أعمال عباده خفيها وظاهرها.

  {خَلَقَ⁣(⁣١) السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ} ثم أخبرهم أنه لم يخلق لهم السماوات والأرض إلا لغرض عظيم وحكمة بالغة وهو ما يترتب على خلقهما من البعث بعد الموت للحياة الآخرة الأبدية والحساب والجزاء، وهذا معنى قوله: {بِالْحَقِّ}، لا كما يزعم المنكرون للبعث من أن الموت نهاية حياة الإنسان، ولا بعث بعد ذلك ولا حساب ولا جزاء، ولو كان الأمر كذلك لكان خلق السماوات والأرض باطلاً.

  {وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ⁣(⁣٢) صُوَرَكُمْ} وهو الذي خلقكم أيها الناس وأكرمكم بأن أحسن صوركم وميزكم عن بقية مخلوقاته بجمال الخلقة وحسن الطلعة، واعتدال القامة نعمة منه عليكم وفضلاً خصكم به.

  {وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ ٣} ومصيركم سيكون إليه يوم القيامة للحساب والجزاء، فاحذروا الله سبحانه وتعالى، وأدوا حق شكره، ولا تكفروا نعمه عليكم.

  {يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ٤} فلا تخفى عليه خافية لا في السماء ولا في الأرض، وهو عالم


= فبعضهم كافر وبعضهم مؤمن، فلو أن الله خلقهم كافرين ومؤمنين لما صح العطف بالفاء؛ إذ أن الفاء تدل على أن الكفر والإيمان لم يحصلا إلا بعد الخلق، وبعد فقد وردت الرواية المشهورة: «كل مولود يولد على الفطرة حتى يكون أبواه هما اللذان يهودانه وينصرانه» هذا معنى الحديث المشهور.

(١) سؤال: هل هذا استئناف نحوي أم ماذا؟

الجواب: نعم هو استئناف نحوي.

(٢) سؤال: يقال: كيف عطف الله حسن التصوير بالفاء على التصوير وهو نفسه؟

الجواب: الفاء العاطفة تأتي لعطف المفصل على المجمل، وهذه الآية من أمثلة ذلك، فالمعطوف والمعطوف عليه شيء واحد، وهذا المعنى مذكور بين معاني الفاء كما في مغني اللبيب.