سورة التغابن
  بضمائركم وأسراركم، المطلع على ما أخفيتم وما أعلنتم؛ فاحذروا أن تقعوا فيما يغضبه ويوجب سخطه، فسيجازيكم على كل صغير وكبير.
  {أَلَمْ يَأْتِكُمْ(١) نَبَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ فَذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ٥} يخاطب الله سبحانه وتعالى المشركين من أهل مكة الذين تمردوا على النبي ÷ وأعرضوا عنه وكذبوا به وبما جاء به بعد أن عرفوا صدقه وتحققوا أنه رسول من عند الله تعالى أرسله إليهم بالحق والهدى، واستنكر عليهم عدم اتباعه على الرغم من كل ذلك، ومن معرفتهم بما جرى على الذين من قبلهم ممن كذبوا وتمردوا على أنبيائهم، وكيف عذبهم الله سبحانه وتعالى جزاءً على كفرهم وتكذيبهم وتمردهم، وقد بلغهم الله سبحانه وتعالى وقص عليهم أخبارهم ليعتبروا بهم فلا يقعوا فيما وقع فيه أولئك القوم، وعليهم أن يتداركوا أنفسهم قبل أن ينزل بهم العذاب الذي سيستأصلهم كما استأصل الذين من قبلهم فضلاً عما ينتظرهم من العذاب الأليم في نار جهنم.
  {ذَلِكَ(٢) بِأَنَّهُ كَانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالُوا أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا فَكَفَرُوا وَتَوَلَّوْا وَاسْتَغْنَى اللَّهُ وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ ٦}(٣) ثم ذكر الله سبحانه وتعالى لهم السبب
(١) سؤال: هل الاستفهام استنكاري أم أنه تقريري؟ وعلام عطفت جملة «فذاقوا وبال أمرهم»؟
الجواب: قد أجبنا كثيراً على مثل هذا بأنه يصح أن نسميه تقريرياً نظراً لما بعد النفي، وأن نسميه استنكارياً نظراً للمنفي، أي: لما دخلت عليه الهمزة، وجملة «فذاقوا وبال أمرهم» لا محل لها معطوفة على جملة الصلة «كفروا».
(٢) سؤال: أين خبر هذا المبتدأ؟
الجواب: خبره الجار والمجرور «بأنه».
(٣) سؤال: هل قوله: «والله غني» نفس قوله: «واستغنى الله» فما السر في تكريره؟ أم ليس نفسه فلماذا؟
الجواب: معنى «واستغنى الله» ظهر استغناء الله عنهم حيث لم يعذبهم وهو قادر على تعذيبهم، «والله غني حميد» معترضة والواو اعتراضية لتأكيد ما قبلها.