سورة التغابن
  في إنزال عذابه بتلك الأمم، وذلك أنه كانت تأتيهم رسل الله تعالى بالآيات والحجج الواضحة والمعجزات الدالة على صدقهم فيعرضون عنهم أشد الأعراض، ويستكبرون عن اتباعهم بعد أن يعرفوا صدقهم، ويستنكرون على الله سبحانه وتعالى ويتعجبون كيف يصح أن يبعث إليهم رسولاً من البشر، فيكفرون بهم ويتولون عن اتباعهم، ثم أخبرهم الله سبحانه وتعالى أنه غني عنهم غير محتاج إلى شيء من طاعتهم، وأنهم لن يضروا بتكذيبهم ذلك إلا أنفسهم. ومعنى «حميد» هنا: مستحق للحمد محمود.
  {زَعَمَ(١) الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا(٢) قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ٧} كان أهل مكة ينكرون على النبي ÷ حين أنذرهم عذاب الله يوم البعث والحساب وكذبوه وكذبوا بالبعث والحساب، فأمره الله سبحانه وتعالى أن يقسم لهم أنه لا بد أن يبعثهم الله سبحانه وتعالى للحساب والجزاء على جميع أعمالهم التي عملوها من الكفر والتكذيب والاستهزاء بالله تعالى وبرسوله، وأن أمر بعثهم ليس بالأمر المستحيل كما يزعمون لأن من قدر على خلقهم وإيجادهم من العدم قادر على إعادة خلقهم مرة أخرى، بل إن ذلك أيسر في الظاهر وأهون، وأن الله سبحانه وتعالى لا بد أن يحاسبهم ويجازيهم على جميع أعمالهم صغيرها وكبيرها لا يضيع عنده مثقال ذرة من أعمالهم.
(١) سؤال: ما مفهوم الزعم الذي عبر الله به في هذه الآية وضابطه؟
الجواب: معنى الزعم هنا: ادَّعوا دعوى باطلة، وقد يأتي قليلاً في دعوىً حقَّة كقول أبي طالب للنبي ÷:
فدعوتني وزعمت أنك ناصحي ... فلقد صدقت وكنت ثَمَّ أمينا
(٢) سؤال: ما إعراب «أن لن يبعثوا»؟
الجواب: «أن» وما دخلت عليه في تأويل مصدر منصوب على أنه مفعول به لفعل الزعم، وهو ساد مسد المفعولين.