سورة التغابن
  الآخرة لا يشوبه شيء من مصالح الدنيا، فإن الله سبحانه وتعالى سيقضيه أضعافاً مضاعفة، وسيثيبه عليه الثواب العظيم، ويجعل الحسنة بعشر أمثالها ثم يضاعف ذلك إلى سبعمائة ضعف، وزيادة على ذلك ما سيكفره عنه من الذنوب والسيئات.
  وإذا كان المعطي والمكافئ هو الله سبحانه وتعالى فكيف سيكون عطاؤه؟
  ثم وصف نفسه بأنه شكور وأن عادته وسنته قد جرت على أن يشكر سعي من أطاعه بمضاعفته الأضعاف المضاعفة، وأنه حليم فلا يعجل بعقوبة من عصاه بل يتأنى بهم ويمهلهم فعسى أن يندموا ويرجعوا إلى هداهم وصوابهم.
  {عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ١٨}(١) ومن صفاته العليا أيضاً أنه وحده
= والتطوع. ومن صور القرض الحسن: الإنفاق في سبيل نشر الدين وتعليمه الناس، وذلك لأن الأوامر الواردة في القرآن بالإنفاق في سبيل الله قد كانت من أجل نصر الرسول ÷ لتبليغ رسالة ربه وإرشاد الناس إلى الدين الحق، والإنفاق في هذا السبيل أفضل الإنفاق كما قال تعالى: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ}[البقرة: ٢٦١]، ومن صور القرض الحسن في الوالدين والأرحام والجيران والفقراء والمساكين والأرامل والأيتام، وبالنسبة لبقية السؤال فإذا كانت نية المعطي والدافع له على العطاء والحامل له عليه هي من أجل أن يراه الناس فليس من القرض الحسن حتى ولو كان يريد مع ذلك القربة إلى الله، وإن كان الحامل له على العطاء هو قضاء حاجة المسكين أو بر الوالدين أو صلة الرحم أو لإعلاء كلمة الله ونشر دينه لا حامل له على العطاء سوى ذلك، ثم عرض له بعد ذلك محبة مراءاة الناس أو محبة أن يعظم في نفوسهم فعليه أن يدافع ذلك ولا يستجيب لدواعي نفسه، وحينئذ فيكون من القرض الحسن، ولا يضره ثناء الناس عليه ما دام أنه كما ذكرنا ووصفنا.
(١) سؤال: ما نوع اسمية «الشهادة»؟ وما المناسبة في جعل هذه الآية أو الآيتين خاتمة للسورة المباركة؟
الجواب: «الشهادة» مصدر: شهد يشهد شهادة. قوله: «عالم الغيب والشهادة العزيز الحكيم» هو من تمام الآية السابقة «إن تقرضوا الله ... إلى: شكور حليم» وفي ذلك إشارة إلى تمام السورة من حيث مغفرة الله وشكره - أي: ثوابه - هو غاية شريعته والمقصود من إرسال رسله À.