سورة القلم
  خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ ٤٣}(١) ثم أمره الله سبحانه وتعالى أن يذكرهم بيوم القيامة يوم يشتد عليهم الأمر ويحين وقت الجد والعذاب، فعندها سيدعوهم الله تعالى إلى السجود له تهكماً بهم، ولكن حين لا ينفعهم السجود، وقد كانت رسل الله تعالى تدعوهم إلى عبادة الله وحده والسجود له جل وعلا فتمردوا وأعرضوا وهم متمكنون من ذلك لسلامة أعضائهم وصحة أبدانهم وعقولهم.
  ومعنى {يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ} يعني: يشتد الأمر(٢)، فعندها ستكون آثار
(١) سؤال: ما الذي نستوحيه من قوله: {وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ ٤٣} مما يهدم مذهب من نفى الاختيار من العبد في الدنيا؟
الجواب: نستوحي من هذه الآية أن المشركين الذين ذكرهم الله تعالى هنا كانوا في الدنيا مستطيعين للسجود يوم دعاهم النبي ÷ إلى توحيد الله تعالى والسجود له وحده، فقوله تعالى: {وَهُمْ سَالِمُونَ ٤٣} أي: سالمون من الموانع التي تمنعهم من السجود، أما يوم القيامة فلا يستطيعون السجود لوجود موانع من أمر الله وهذا المعنى ظاهر.
(٢) سؤال: فضلاً ما هي القرائن على أنه لا يفسر إلا بهذا؟
الجواب: الدلائل على صحة ما ذكرنا:
- أن الله سبحانه وتعالى ليس بجسم لما ثبت من حدوث الأجسام بالدليل القاطع، فدلائل الحدوث وآثار الصنعة داخلة في ماهية كل جسم؛ لذلك استحال مصداقية قول من يقول إن المراد ساق الرحمن ø.
- قد اشتهر في لغة العرب استعمال كشف الساق في التعبير عن حدوث الشدة الشديدة قال جرير:
ألا رب سام الطرف من آل مازن ... إذا شمرت عن ساقها الحرب شمرا
وقال غيره:
في سنة قد شمرت عن ساقها ... حمراء تبري اللحم عن عراقها
وقال آخر:
قد شمرت عن ساقها فشدوا ... وجدت الحرب بكم فجدوا
والشواهد على هذا كثيرة من شعر العرب، ويمكن البحث عنها في دواوين شعراء العرب بواسطة الباحث الآلي.