محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة نوح

صفحة 522 - الجزء 4

  ودخل عليهم من كل الطرق، وجرب فيهم كل الوسائل فدعاهم جماعات وأفراداً، وسراً وعلانية وفي الليل والنهار، ولكنهم لم يزدادوا مع ذلك إلا طغياناً وتمرداً وابتعاداً عن الله تعالى، ثم في الأخير شكاهم إلى الله تعالى، وشكا إليه إصرارهم الشديد وتمردهم عليه.

  {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا ١٠ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا⁣(⁣١) ١١ وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا ١٢} وأوضح في شكواه أنه كان يدعوهم إلى الله سبحانه وتعالى ويرغبهم بأنهم إن استغفروه ورجعوا إليه فإنه سيغفر لهم ويقبلهم، وسيسبغ عليهم نعمه، وسينزل عليهم بركات السماء، وسيخرج لهم خيرات الأرض، وسيمدهم بالأموال


= وصلاح الأموال والأولاد والبركة في الأرزاق ونحو ذلك، وما يترتب على معصية الله من اخترام الأعمار وبخس الأموال والذرية وحصول المصائب في الأنفس والأهل والولد والمال ونحو ذلك.

٢ - الجد في الدعوة والنصيحة في كل وقت في الليل والنهار أي: عند حصول الفرصة وسنوحها في ليل أو نهار.

٣ - لا ييأس المرشد إن لم يستجيبوا له فيحاول في هداية القوم مرة بعد مرة ومرة في المجالس العامة، ومرة لدعوة كل شخص وحده إن أمكن، من غير أن يظهر منه غضب، بل لا يظهر منه إلا الهدوء والطمأنينة.

٤ - يرغب في التوبة والاستغفار والرجوع إلى الله بما يعطيه الله للتائبين في نحو قوله تعالى: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا ١٠ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا ١١ وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا ١٢}.

(١) سؤال: هل إيقاع الإرسال على السماء مجاز أم حقيقة؟ ومن أي الأقسام هي؟ وما إعراب «مدراراً»؟ وما نوع اسميتها؟

الجواب: إيقاع الإرسال على السماء هو مجاز مرسل أي: أن السماء في هذا المكان مجاز مرسل عن المطر من تسمية الشيء باسم محله، و «مدراراً» حال من السماء وهي على زنة مفعال من أمثلة المبالغة.