سورة المدثر
  يقين اليهود والنصارى، وليعرفوا أن القرآن الذي جاء به محمد ÷ حق وصدق؛ لأنه مطابق لما جاء في كتبهم، وكذلك المؤمنون سيزدادون(١) يقيناً إلى يقينهم، وسيزيدهم الله سبحانه وتعالى ثواباً على إيمانهم وتصديقهم بما أخبرهم به ربهم.
  {وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا}(٢) وأما أولئك الذين ملأ النفاق قلوبهم والكافرون فسيزيد ذلك من حقدهم وغيظهم على النبي ÷، واستهزائهم بآيات الله وكفرهم وتكذيبهم.
  {كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ}(٣) ثم أخبر الله سبحانه وتعالى أنه بسبب هذه الآية وهذا المثل قد ضل ناسٌ وازدادوا بذلك ضلالا إلى ضلالهم، وقد اهتدى بسببها أناسٌ آخرون وازدادوا إيماناً إلى إيمانهم.
(١) سؤال: من أي ناحية سيزداد المؤمنون يقيناً؟
الجواب: المراد أن المؤمنين بسبب إيمانهم وتصديقهم بما ذكر الله تعالى من العدد يزدادون إيماناً إلى إيمانهم ويقيناً إلى يقينهم.
(٢) سؤال: فضلاً ما إعراب {مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا}؟ وكيف ساغ لهم إطلاق المثل على هذا الاختبار؟
الجواب: «ماذا» اسم استفهام في محل نصب مفعول به مقدم لأراد، «الله» فاعل، «بهذا» متعلق بأراد، «مثلاً» حال أي حال كونه مشابهاً للمثل، وإطلاقهم المثل على ما ذكر لمشابهته المثل.
(٣) سؤال: ما وجه إسناد الإضلال إلى الله سبحانه؟ وهل يقتضي قوله: {كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ} أن ثم إضلالاً منسوباً إلى الله يشابه هذا الإضلال؟ فما هو الإضلال الآخر؟ أم له مفهوم آخر فما هو؟
الجواب: الإضلال هنا بمعنى الخذلان الذي هو سلب التنوير والتوفيق، وقوله: «كذلك ..» الإشارة هي للإضلال المتقدم ذكره في قوله: {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا ١١ ...} إلى قوله: {وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً ...} والمراد بأهل هذه الآيات قريش فمثل هذا الإضلال المتعلق بقريش {يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ ...}؛ لذلك فليس في الآية ما يدل على أن ثمة إضلالاً آخر.