محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة القيامة

صفحة 561 - الجزء 4

  الله تعالى أن يحرك لسانه ويقرأ مع جبريل، وأمره أن يتأنى حتى يكمل جبريل قراءته، وأخبره أنه الذي سيعينه على جمعه في قلبه وحفظه.

  واستعجال النبي ÷ في الترديد مع جبريل # إنما هو من حرصه الشديد على حفظه وعدم نسيانه. ومعنى «بيانه»: توضيح ما أشكل من معانيه.

  {كَلَّا⁣(⁣١) بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ ٢٠ وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ ٢١} ثم رجع الله سبحانه وتعالى إلى خطاب المشركين فأخبرهم بأن ما هم فيه من متاع الدنيا إنما هو لحرصهم الشديد على الدنيا وحبهم لها، وميلهم إلى شهواتها ولذاتها، مما جعلهم يتركون أمر الآخرة وراء ظهورهم، غير ملتفتين إلى ما ينتظرهم من الثواب والعقاب فيها.

  {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ ٢٢ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ٢٣ وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ ٢٤ تَظُنُّ⁣(⁣٢) أَنْ يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ ٢٥} ثم أخبر الله سبحانه وتعالى عن حال عباده يوم القيامة في أرض المحشر بأنهم سينقسمون قسمين فقسم منهم سيكونون منتظرين⁣(⁣٣) لرحمة الله تعالى وثوابه، ووجوههم في غاية الإشراق والنضارة، وقسم منهم سيكونون في غاية البؤس ووجوههم كالحة عابسة؛ لما ينتظرهم من العقاب وما سيحل بهم من العذاب. والفاقرة: الداهية العظيمة.


(١) سؤال: ما يكون معنى «كلا» هنا؟ وما الذي تفيدنا «بل» أيضاً في الآية؟

الجواب: «بل» للانتقال من موضوع إلى موضوع آخر، و «كلا» للتنبيه أو بمعنى «حقاً» إذ لم يسبقها ما ينبغي الردع لفاعله وزجره عنه، إلا إذا قلنا إنه راجع إلى قوله: {بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ ٥ يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ ٦} فتكون «كلا» للردع والزجر.

(٢) سؤال: هل الظن في قوله: «تظن» بمعنى العلم واليقين أم أنه على بابه؟

الجواب: الظن بمعنى العلم.

(٣) سؤال: ما القرائن التي تدلنا على أن «ناظرة» بمعنى منتظرة، وأن هناك محذوفاً مضافاً هكذا: إلى رحمة ربها؟

الجواب: القرينة قوله تعالى في أهل النار: {وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ ٢٤ تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ ٢٥} أي: كالحة منتظرة للعذاب، فهذه المقابلة قرينة، يضاف إليها استحالة رؤية الباري ø.