محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة القيامة

صفحة 563 - الجزء 4

  كيف ستكون في ذلك الوقت؟ وقد كان صاحبها مكذباً معرضاً تاركاً لما افترضه الله عليه من أداء الصلوات وغيرها من الواجبات متبختراً مستكبراً معجباً بما هو فيه من العافية والقوة. ومعنى «يتمطى»: يستكبر ويتعالى على الله سبحانه وتعالى، ولا يستجيب لأمره.

  {أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى ٣٤⁣(⁣١) ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى ٣٥} حقيق بالكافر الذي لا آمن ولا صلى ولكن كذب وتولى أن يدعى عليه بأن يليه من المكروه ما يسوؤه.

  {أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى ٣٦} يستنكر الله سبحانه وتعالى على المنكر للبعث والحساب كيف يظن أن الله سبحانه وتعالى سيتركه بعد موته مهملاً وينتهي كل شيء، فبئس هذا الظن الذي يظنه، فلا حياة على الحقيقة إلا ما بعد الموت.

  {أَلَمْ⁣(⁣٢) يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى ٣٧ ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى ٣٨ فَجَعَلَ(⁣٣)


=

الجواب: الوجه أن تبختر المذكور في هذه الآية وتمطيه يكون بعد اجتماعه بقومه وبعد تعرضه للنبي ÷ بالتكذيب والاستهزاء والسخرية فيرى أنه بسخريته وتكذيبه وتعاليه قد صنع أمراً عظيماً فيعود إلى بيته منتفخاً منتشياً يتمطى في مشيته ويتبختر فيها. ومحل جملة «يتمطى»: النصب على الحالية.

(١) سؤال: تكرموا بتحقيق القول في «أولى لك»؟ ومم أخذت هذه اللفظة؟ وهل اتضح لكم ذلك المأخذ؟ وهل أردتم الجمع بين المعنيين عندما قلتم: حقيق بالكافر ... ، وبأن يليه من المكروه؟ أم ماذا؟

الجواب: التفسير جاء بناءً على أن «أولى لك ..» اسم فعل بمعنى: وليك من المكروه ما يسوء، واسم الفعل لا يطلب له مأخذ. وقيل: إنه أفعل تفضيل من الولى وهو القرب: وليك يليك، فيكون خبر مبتدأ محذوف أي: العقاب أو الهلاك أولى لهم، أي: أقرب وأدنى، وقيل: إن «أولى» بمعنى «ويلاً» أي: أنه مصدر، وقيل: إنه فعل ماض بمعنى: قاربك المكروه، وقيل: إنه مقلوب: «ويلاً».

(٢) سؤال: ما معنى الاستفهام هنا؟ وهل هو نفس الاستفهام الثاني «أليس ذلك ...» أم لا؟

الجواب: الاستفهام لتقرير ما بعد النفي، وكذلك الاستفهام الثاني.

(٣) سؤال: هل يمكن أن تكون هذه الآية دليلاً على بطلان ما يقال بأنه إن غلب ماء المرأة ماء الرجل كان الجنين أنثى والعكس في العكس؟

الجواب: هذه الآية تدل على أن الإنسان يخلق من ماء الرجل، إلا أن آية سورة الإنسان: {مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ}⁣[الإنسان: ٢]، تدل على أنه مخلوق من نطفة مختلطة من الرجل والمرأة، وكأن العلم الحديث يثبت أنه من الحيوان المنوي الذي من الرجل عندما يلتقي ببويضة المرأة، والله أعلم.