سورة النازعات
  لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا ٢٩ وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا(١) ٣٠ أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا ٣١ وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا ٣٢ مَتَاعًا(٢) لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ ٣٣} وعندما أنكر المشركون أمر البعث والحساب، واستبعدوا قدرة الله سبحانه وتعالى على ذلك، سألهم الله تعالى عن أمر خلقهم وخلق السماء أيهما أشد خلقاً وأعظم؟ فلا بد أن يجيبوه بأنه السماء حتماً، ولو أجابوا بخلاف ذلك لكانوا منكرين للضرورة، ولحكم عليهم السامع بسخافة عقولهم وتفاهتهم.
  ثم أخبر الله سبحانه وتعالى بأنه الذي خلقها ورفعها بغير عمد، وأنه الذي غطى الليل بالظلمة الساترة(٣)، وجعل النهار مبصراً بقدرته، وأنه الذي دحا الأرض بالتراب، وجعلها صالحة لنباتهم ومستقراً لماء شربهم الذي به قوام حياتهم، وقد أرسى الجبال ليحفظ توازنها عن أن تتمايد بهم، وأن كل ذلك رحمة منه تعالى بعباده
(١) سؤال: ظاهر الآيات أن دحو الأرض كان بعد خلق السماء وليلها ونهارها فكيف يتعقل ذلك؟
الجواب: ما زال دحو الأرض حاصلاً إلى اليوم فإن الله تعالى ينزل الأمطار على الجبال فيحت المطر وسيوله من الجبال فتسحبه السيول إلى المنخفضات التي تستقر فيها السيول فيترسب التراب الذي حته المطر والسيول من الجبال في ذلك المنخفض فيتكاثر ذلك في المنخفات حتى تصير أرضاً مستوية لا يقر عليها الماء، ألا ترى إلى البرك وما يجتمع فيها من التراب فلو لم يخرج من البرك لامتلأت البرك تراباً، وهكذا الحرث الذي يسقى من السيول فإنه يحتاج الحين بعد الحين إلى إخراج التراب الزائد.
(٢) سؤال: ما إعراب كل من «والأرض، والجبال، متاعاً»؟
الجواب: «والأرض» مفعول به لفعل محذوف من باب الاشتغال، وهكذا قوله: «والجبال أرساها» فالجبال مفعول به لفعل محذوف، و «متاعاً» مفعول من أجله.
(٣) سؤال: يقال: الظلمة الساترة هي الليل فكيف يغطى الشيء بنفسه أم أن المراد جعله مظلماً؟
الجواب: المراد أن الله تعالى جعل الليل مظلماً لأنه لم يكن حينئذ ليل مظلم، ويمكن أن يقال إن الله تعالى جعل الوقت الذي قدره ليكون ليلاً مظلماً.