محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة عبس

صفحة 600 - الجزء 4

  {كَلَّا لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ ٢٣}⁣(⁣١) ثم أخبر الله سبحانه وتعالى أنهم يموتون قبل أن يؤدوا حق الله تعالى ويفعلوا ما أمرهم به وأراده منهم، وقد أنزل الله سبحانه وتعالى هذه الآيات ليحث بني آدم على أن ينظروا في آياته وآثار قدرته فيهم لعلهم يرجعون إليه ويعرفون عظمته وقدرته على خلقهم وإحيائهم مرة أخرى.

  {فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ ٢٤ أَنَّا صَبَبْنَا⁣(⁣٢) الْمَاءَ صَبًّا ٢٥ ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا ٢٦ فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا ٢٧ وَعِنَبًا وَقَضْبًا⁣(⁣٣) ٢٨ وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا ٢٩ وَحَدَائِقَ غُلْبًا ٣٠ وَفَاكِهَةً وَأَبًّا ٣١ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ ٣٢} يحث الله سبحانه وتعالى الإنسان أن ينظر ويتأمل في آية طعامه هذا الذي يأكله كيف أوصله الله سبحانه وتعالى إليه، فأخبر الله سبحانه وتعالى أن أول مرحلة في ذلك هي أنه ينزل المطر الذي يسقي به أرضهم ويرويها حتى تتشقق بأنواع النبات من الحبوب ومختلف الفواكه والثمار والبساتين الكثيفة المتنوعة بأصناف الشجر.

  والأبُّ: أراد الله سبحانه وتعالى به مراعي أنعامهم، كل ذلك من نعمه العظيمة عليهم التي ينبغي عليهم أن يؤدوا حق شكرها بأداء ما افترض عليهم.


(١) سؤال: ما معنى «كلا» في هذه الآية؟ وما الوجه في استخدام لما هنا وهي تستعمل لما يتوقع حصوله في المستقبل؟ ومتى سيقضي الإنسان ما أمره الله به في المستقبل؟

الجواب: معنى «كلا» الردع والزجر عن التكبر والكفر المدلول عليه بقوله: {قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ ١٧} والواقع أن فعل الإنسان لما أمر به غير متوقع إلا أن من شأنه أن يكون متوقعاً بسبب ما أنزل الله من البينات والهدى للناس فجاءت «لما» على هذا التقدير، والله أعلم.

(٢) سؤال: ما وجه فتح همزة «أن» في قوله: «أنا صببنا»؟ وما وجه كسرها في قراءة نافع؟

الجواب: وجه الفتح هو كون «أنا صببنا» بدل من الطعام في قوله: «إلى طعامه»، ووجه الكسر هو الاستئناف لبيان كيفية إحداث الطعام.

(٣) سؤال: هل المراد بالقضب هذا المشتهر ببلاد صعدة؟

الجواب: المراد به ما يقضب أي: يقطع ليؤكل رطباً من طعام الإنسان، وقيل إن المراد به علف البهائم الذي يسمى البرسيم ويسمى في صعدة القضب وهو محتمل.