سورة الفجر
  وأهلك الله سبحانه وتعالى فرعون وجنوده لما كذبوا وتمردوا على نبي الله موسى #، وكان فرعون وقومه أهل قوة شديدة، والأوتاد(١): هي الأهرام، وهي ماثلة أمام الناس إلى يومنا هذا، وكانوا قد طغوا في البلاد وتجاوزوا الحد في الفساد وسفك الدماء والظلم فأهلكهم الله تعالى وصب عليهم غضبه، وسيصيب قومك يا محمد من العذاب مثل ما قد أصاب هؤلاء المكذبين بأنبيائهم، فاصبر حتى يحين موعد عذابهم. ومعنى «لبالمرصاد»: مراقب لأعمالهم وسيجازيهم عليها.
  {فَأَمَّا الْإِنْسَانُ(٢) إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ(٣) فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ ١٥ وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ ١٦} يذكر الله سبحانه وتعالى هنا طبيعة الإنسان الكافر(٤) إذا أنعم الله تعالى عليه فإنه يقول إن الله
(١) سؤال: إذا كانت بمعنى الأهرام فلم أتى بالاسم الموصول مجموعاً: «الذين طغوا ..»؟
الجواب: «الذين طغوا ...» صفة لأهل إرم ذات العماد وثمود الذين جابوا ... وفرعون ذي الأوتاد، وليس لفرعون وحده.
سؤال: ما وجه التجوز في هذه الكلمة؟
الجواب: الوجه هو شبهها بالجبال التي هي أوتاد الأرض.
(٢) سؤال: إذا كان الإنسان مبتدأ فأين الخبر؟ وأين جواب «أما»؟ وما معنى الفاء الداخلة على «أما»؟ وهل «ما» التي بعد «إذا» زائدة؟
الجواب: «الإنسان» مبتدأ، وجملة «فيقول ..» في محل رفع خبره، و «ما» صلة وتأكيد، والمبتدأ والخبر هو جواب أما، وإنما أخرت الفاء في الخبر لغرض لفظي، وهي الرابطة لجواب «أما»، والفاء الداخلة على «أما» هي العاطفة كأنه قيل: إن الله لا يريد من الإنسان إلا الطاعة والسعي للعافية وهو مرصد بالعقوبة للعاصي فأما الإنسان فلا يريد ذلك ولا يهمه إلا العاجلة وما يلذه وينعمه فيها. هكذا أفاد صاحب الكشاف.
(٣) سؤال: يقال: ما الوجه في قوله: «ونعَّمَهُ» بدل: وأنعم عليه؟
الجواب: الوجه هو أن «نعَّم» المضعف (المشدد) يدل على كثرة النعم دون: وأنعم.
(٤) سؤال: ما الوجه في تخصيص هذا بالكافر فقط؟
الجواب: الوجه هو أن السياق في الكافرين، وبدليل: {إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا ١٩ ...} إلى قوله: {إِلَّا الْمُصَلِّينَ ٢٢}[المعارج].