محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة الفجر

صفحة 637 - الجزء 4

  تعالى أكرمه لأنه⁣(⁣١) يستحق الكرامة، ولا يقابل نعمة الله تعالى عليه بالشكر، وإذا ابتلاه وضيق عليه في رزقه فإنه يقول: إن الله تعالى أهانه ولا يقابل ذلك بالصبر والرضا بما قسم الله سبحانه وتعالى له، وهذا بخلاف الإنسان المؤمن فإنه يقابل نعم الله تعالى عليه بالشكر، وإذا ضيق الله تعالى عليه في رزقه قابل ذلك بالصبر والرضا عن الله تعالى بما قسم له.

  {كَلَّا⁣(⁣٢) بَل لَا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ ١٧ وَلَا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ ١٨ وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ⁣(⁣٣) أَكْلًا لَمًّا⁣(⁣٤) ١٩ وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا ٢٠} ثم تابع الله


(١) سؤال: فضلاً من أين يفهم هذا التعليل؟ وهل يمكن أن نعلله بعدم نظره إلى أنه بلوى واختبار من الله أم لا؟

الجواب: فهم ذلك من مواضع من القرآن نحو قوله تعالى: {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقَامًا وَأَحْسَنُ نَدِيًّا ٧٣}⁣[مريم]، ونحو: {وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنَى}⁣[فصلت: ٥٠]، ومن نحو قولهم: {نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ ٣٥}⁣[سبأ]، فقد كانوا يعتقدون أنهم أكرم على الله وأفضل من النبي ÷ والمؤمنين مستدلين على ذلك بما أعطاهم الله في الدنيا من المال والولد وغير ذلك، وهذا التعليل لا ينافي التعليل بما ذكر في السؤال فيعلل بهما جميعاً.

(٢) سؤال: ما الذي تفيده «كلا» هنا؟ وما معنى الإضراب هنا بـ «بل»؟ وعلام عطفت جملة {لَا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ ١٧

الجواب: «كلا» للردع والزجر للإنسان عن قوله المتقدم، و «بل» للإضراب الانتقالي من ذم إلى ذم أشنع منه، وجملة «لا تكرمون اليتيم» معطوفة على ما توهمه الإنسان من علة تضييق الرزق عليه.

(٣) سؤال: إذا كان المراد بالتراث الميراث فما العلة الصرفية فيها حتى صارت «التراث»؟

الجواب: العلة هي التخفيف بقلب الواو المضمومة في أول الكلمة تاء، وليس هناك علة موجبة للقلب.

(٤) سؤال: مم أخذت لفظة «لَمَّا»؟

الجواب: «لما» مصدر بمعنى جمعاً أي ذا جمع، من: لمَّ الله شعثه أي: جمع ما تفرق من أمره.