محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة آل عمران

صفحة 279 - الجزء 1

  {وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ ١٩٢} من مات وهو ظالم وعاصٍ فليس له من ينصره ويدفع عنه عذاب الله، فهو في نار جهنم خالداً مخلداً، وهذا عدل وحكمة من الله تعالى، فهو لا يعذب إلا الأشرار، وقد جعل النار سجناً لهم، ولن يدخل الله جهنم إلا أولئك المتمردين عليه، الذين قال فيهم: {وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ}⁣[الأنعام: ٢٨]، بسبب تمردهم وتجرؤهم على الله سبحانه وتعالى.

  {رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا} المنادي هو النبي ÷، فقالوا: إنا سمعنا منادياً ينادي للإيمان فآمنا به، أي: بالنبي والقرآن.

  {رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ ١٩٣}⁣(⁣١) دعوه بهذا الدعاء. وأفضل الدعاء هو الدعاء بالمغفرة كما ورد؛ فإذا دعا الإنسان بالمغفرة فقد طلب الخير كله، وثواب الاستغفار خير الدنيا وخير الآخرة، قال نوح لقومه: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا ١٠ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا ١١ وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ} بسبب استغفاركم {وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ} بساتين يأتيكم منها الرزق، {وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا ١٢}⁣[نوح]، تشربون منها، وتسقون أنعامكم وبساتينكم.

  شكا رجل إلى الإمام الحسن بن علي ~ أنه لم يخلف أولاداً ذكوراً - فدله الإمام الحسن على الاستغفار والإكثار منه، واستدل عليه بهذه الآية.

  فأفضل الدعاء الاستغفار، والمستغفر قد طلب خير الدنيا والآخرة، فإذا قبل الله منه فسيعطيه خير الدنيا والآخرة: الأموال والأولاد في الدنيا، وفي الآخرة الجنة.


= وذكر أعمالهم وفضائحهم وما أعد لهم من العذاب. فدل كل ذلك على أن المؤمنين فريقان: فريق آمن وتمرد وتثاقل عن طاعة الله ورسوله ÷، وفريق آمن وسمع لله وأطاع ولم يتمرد. فالفريق الأول لا حظ له في رحمة الله ولا نصيب له من ثوابه، ويلحق بالكافرين يوم القيامة ويدخل معهم في عذاب النار خالداً فيها.

(١) سؤال: ما معنى: {وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ ١٩٣}؟ هل كوفاتهم أو بينهم؟

الجواب: اجعلنا عند الوفاة مؤمنين تائبين لنفوز باللحاق بعبادك الأبرار الصالحين.