محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة آل عمران

صفحة 280 - الجزء 1

  ودعوه أيضاً بأن يتوفاهم مع الصالحين المرضيين عند الله تعالى.

  {رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ ١٩٤} أعطنا يا ربنا ما وعدتنا من الخير على ألسنة رسلك، وهو الجنة ونعيمها، ولا تخزنا في العذاب الأليم فإنك لا تخلف الميعاد وننزهك ونسبحك عن إخلافه⁣(⁣١).

  {فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى}⁣(⁣٢) حين دعاه أولو الألباب وتوسلوا إليه - استجاب الله دعاءهم، ووعدهم بأنه لا يضيع عمل عامل منهم من ذكر وأنثى، فسيثيبهم ويوفيهم أجورهم، ويزيدهم من فضله.

  {بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ}⁣(⁣٣) الرجال والنساء بعضهم من بعض فأبوهم جميعاً آدم وأمهم حواء وسيوفى الرجال والنساء أجورهم.

  {فَالَّذِينَ هَاجَرُوا} يعني هاجروا إلى المدينة مع النبي ÷، وتركوا أموالهم


(١) – سؤال: يقال بأنهم عالمون بأن الله لا يخلف الميعاد، وأنه سيعطيهم ما وعدهم على ألسن رسله، فما فائدة دعاء هؤلاء بالشيء الحاصل؟

الجواب: من شأن المؤمن الصادق المخلص أن يكون راجياً لرضوان الله وثوابه، خائفاً من سخطه وعذابه، لا أن يكون عالماً قاطعاً بالثواب والرضوان، وهكذا يكون راجياً لمغفرة الله لا قاطعاً؛ لذلك فالمؤمن في الدنيا يكون له طمع ورجاء في أن يعطيه الله ما وعد المؤمنين من الثواب على ألسنة الرسل، وله رجاء وطمع في أن الله تعالى لا يخزيه يوم القيامة مع أهل الخزي؛ لذلك كان الدعاء على بابه.

(٢) – سؤال: ما موضع: {أَنِّي لَا أُضِيعُ} الإعرابي؟

الجواب: موضعه الجر بحرف جر محذوف: «بأني لا أضيع».

(٣) – سؤال: ما موضع هذه الجملة؟ وما فائدة الإتيان بها؟

الجواب: ليس لها محل من الإعراب؛ لأنها مستأنفة لبيان شركة النساء مع الرجال في استحقاق الثواب. ويصح أن تكون معترضة لوقوعها بين: {عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى} وبين التفصيل لعمل العامل الذي بعد الفاء التفصيلية وهو قوله: {فَالَّذِينَ هَاجَرُوا ...} والفائدة هي نفس الفائدة التي ذكرناها.