محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة النساء

صفحة 291 - الجزء 1

  اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ٩} هؤلاء الناصحون الذين عند الموصي ينصحونه بأن يوصي ويتصدق ويفعل ويفعل. خاطبهم الله تعالى بأن يخشوه ويخافوه، فكيف بكم أيها المتنصحون لو شارفتم الموت ولكم أولاد ضعاف تخافون عليهم الضياع والحاجة فهل تحبون أن تبددوا أموالكم وتتركوهم بغير شيء؟ أم تحبون أن تتركوا أموالكم لأولادكم الضعاف؟ لا شك أنهم سيتركون أموالهم لأولادهم ولا يوصون بشيء منها، فليتق الله هؤلاء المتنصحون ولا يتعرضوا لسخطه بحمل الميت على تبديد ماله وتضييع تركته على ورثته ولا ينصحوه إلا بالحق وبما يرضي الله تعالى⁣(⁣١).

  {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا ١٠}⁣(⁣٢) فلا يظن أولئك أنهم قد فازوا وربحوا بأكلهم أموال


= بالوصايا وغيرها، ولينظروا لذريته كما ينظرون لذرياتهم الضعاف، فعلى هذا التفسير يكون الفعلان مختلفين لكل فعل فائدة غير فائدة الفعل الآخر كما شرحنا.

(١) سؤال: قد يقال بأن الوصية فيها خير للميت من باب: {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ}⁣[القصص: ٧٧]، فلماذا هذا النهي؟

الجواب: يقال: في الوصية خير للميت وعمل صالح يلحقه بعد وفاته، والنهي هنا يحمل على الوصايا التي تضر بالورثة الضعاف، «لا صدقة وذو رحم محتاج»، {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ}⁣[النساء: ١٢]، فهذه الآية كالمقيدة لمطلق الوصايا.

(٢) سؤال: علام نصب قوله: «ظلماً»؟ وما هي أوجه الظلم في أكل مال اليتيم؟

الجواب: «ظلماً» مصدر مبين لنوع الأكل مفعول مطلق منصوب، وأكل مال اليتيم ظلماً يأتي على أوجه:

- أن يأخذ الولي من مال اليتيم لنفسه أكثر من أجرته.

- أن يأخذ من ماله لنفسه على جهة الخيانة.

- أن يهمل ويفرط في حفظ مال اليتيم حتى يضيع أو يتلف أو يفسد، في حين أنه لا يهمل ماله ولا يفرط فيه.

- أن يسرف في النفقة على اليتيم عمداً. =